للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُمَرَ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُ – فَأَذْهَبَ سَمْعَهُ وَعَقْلَهُ وَلِسَانَهُ وَذَكَرَهُ؛ فَقَضَى عَلَيهِ عُمَرُ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُ – بِأَرْبَعِ دِياتٍ، وَهُوَ حَيٍّ"، ولا مخالف له من الصحابة.

ولأن السمع من أشرف الحواس؛ فأشبه حاسة البصر.

ولا فرق في إيجاب الدية بين أن يذهب السمع، أو يحكم أهل البصائر بأنه باقٍ في مقره، ولكنه ارتتق بالجناية داخل الأذن ارتتاقاً لا وصول إلى زواله؛ كما صرح به الإمام.

وحكى الغزالي والرافعي في الحالة الثانية وجهين، ثانيهما – وهو الأظهر في "الرافعي"، وبه أجاب في "التتمة" -: إيجاب الحكومة.

واعلم أن لطيفة السمع ليست [متعلقة بجزء من الأذن، وإنما في مقرها من الرأس، وقد قال العلماء: السمع] شيء واحد، وليس من المثاني، بخلاف البصر.

قال الإمام: وذهب بعض أصحابنا إلى إلحاقه بالمثاني، وكأنه يتخيل لطيفتين لكل واحدة نفوذ في مصرف الأذن؛ كما يتحقق ذلك في البصر، وهذا مزيف عند جماهير الأصحاب.

قال: فإن قطع الأذنين وذهب السمع – وجبت ديتان؛ لقطعه عضواً وإذهابه منفعة حالَّة في غيره؛ فلم يدخل أرش المنفعة في دية العضو؛ كما لو أوضح رأسه؛ فأذهب ضوء عينه.

قال: فإن اختلفا في ذهاب السمع، أي: والجناية مما يحتمل ذهاب السمع بها – تتبع في أوقات الغفلة: فإن ظهر منه انزعاج سقطت دعواه؛ لظهور كذبه.

وهذا من الشيخ يقتضي أنا لا نحلف الجاني في هذه الحالة.

وفي "الحاوي": أنه لابد من تحليفه: إن سمعه باق؛ لجواز أن يكون انزعاج المجني عليه عند الصوت بالاتفاق، [وأنه لا يكفيه] أن يحلف: إن سمعه لم يذهب بجنايته.

<<  <  ج: ص:  >  >>