فإن قال المجني عليه: أنا أعرف قدر ما ذهب من سمعي، وهو النصف مثلاً، قال الماوردي: أحلف على دعواه، وحكم بقوله؛ [لأنه] لا يتوصل إلى معرفته إلا من جهته؛ فقيل قوله فيه مع يمينه؛ كما يقبل قول المرأة في حيضها.
وقال الإمام وغيره: إنه يقدر الاعتبار بسمع رجل سليم السمع في مثل سنه وصحته؛ بأن يجلس بجنب المجني عليه، ويؤمر من يرفع الصوت ويناديهما من مسافة بعيدة، لا يسمع منها واحد منهما، ثم يقرب المنادي شيئاً فشيئاً، إلى أن يقول السليم: سمعت؛ [فيعلم على الموضع، ثم يديم المنادي ذلك الحد من رفع الصوت، ويقرب إلى أن يقول المجني عليه: سمعت]، فيضبط ما بينهما من التفاوت.
أما إذا ادعى نقصان السمع في إحدى الأذنين – جرب بعد تصميم الأذن السليمة، وفعلنا معه ما تقدم؛ فإن انضبط الذاهب، وجب بقسطه، وإلا وجبت الحكومة.
فرع: إذا أصمت الجناية إحدى الأذنين، وجب نصف الدية.
[قال الإمام: وكان شيخي أبو محمد يمنع القول بإيجاب نصف الدية،]
ويصير إلى أن يعتبر ما نقص من السمع بحالة الكمال. وهذا الذي ذكره إن كان قياس قولنا: إن السمع ليس من المثاني؛ فاعتبار النظر إلى إحدى الأذنين أقرب من معرفة جزئية النقصان بذرع المسافات، وحكى الغزالي وجهاًك أن الواجب الحكومة.
قال: وفي العقل الدية؛ لما روى عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في كتابه إلى اليمن:"وَفِي الْعَقْلِ الدِّيَةُ".
وروى جابر بن عبد الله [أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"وَفِي الْعَقْلِ الدِّيَةُ مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ".