للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسافر لو نوى إتمام الصلاة، وشرع فيها، ثم أفسدها- لا يقضيها مقصورة بل تامة؛ لأنه التزم الإتمام؛ وهذا ما أورده المتولي، أيضاً.

والفرع منهما- ما صرح به الشيخ-: أنها تستقر بإمكان الأداء، ووجهه: أنها وجبت عليه، وتمكن من أدائها؛ فاستقرت في ذمته؛ كما لو هلك النصاب بعد الحول والتمكن؛ وهذا ما نص عليه الشافعي، رضي الله عنه.

وخرج ابن سريج قولاً آخر من نصه في الشخص إذا سافر بعد إمكان فعل الصلاة: "أن له القصر": أنه لا يستقر الوجوب إلا أن يخرج الوقت من غير عذر يمنع الوجوب، والفرق بينه وبين الزكاة: أن أداءها على الفور، بخلاف الصلاة.

والصحيح الأول: لما ذكرناه، وخالف القصر في الصلاة؛ لأن القصر من صفات الأداء: كالصحة والمرض، ولا كذلك ما نحن فيه.

أما إذا أدرك من وقت الصلاة قدر ما يؤدي فيه الفرض، ثم جُنَّ وأفاق؛ فالذي يظهر أن يقال: يجب عليه أن يأتي بها في الوقت أداء لا قضاء، بخلاف الصورة التي حكينا فيها عن القاضي ما سلف؛ لأنه ثَم عيّن الوقت بشروعه.

ثم من المعلوم أن الجنون إذا لم يمنع وجوب القضاء في الصورة التي ذكرها، فالإغماء أولى؛ لأنه دونه؛ ولهذا لا يمنع قضاء الصوم على رأي دون الجنون.

والنفاس كالحيض كما تقدم.

والموت يلحق بذلك إن قلنا: إن من مات وعليه صلاة يصلي عنه، أما إذا قلنا: لا يصلى عنه- كما هو المشهور- ففائدة الاستقرار عند بعض الأصحاب: الحكم بتأثيمه، وعند قوم: لا فائدة له، وهم القائلون: بأنه إذا مات في أثناء الوقت لا يقضي، وهو الصحيح، بخلاف نظيره في الحج، والفرق مذكور فيه.

فلو أدرك من وقت الصلاة قدر ما يؤدي فيه بعض الفرض، ثم طرأ الجنون أو الحيض أو [ما] في معناهما- فلا يجب القضاء على المنصوص في "الإملاء"، وعليه عامة أصحابنا؛ كما في الزكاة والحج والصيام.

<<  <  ج: ص:  >  >>