وعن أبي يحيى البلخي: أنها تجب بإدراك بعض الوقت وجوباً مستقراً، وليس إمكان الأداء فيها معتبراً؛ كما في آخر الوقت.
قال الرافعي: وحكاه ابن كج، عن غيره من الأصحاب، وقد قيل: إن البلخي رجع عنه.
والأصحاب فرقوا بين أول الوقت وآخره: بأنه في آخره يمكنه البناء لو شرع، ولا كذلك في أوله، ولا تفريع على هذا.
وعلى مذهب البلخي: يلزمه العصر إذا أدرك من وقت الظهر ما يسع الصلاتين؛ كما قاله أبو الطيب وابن الصباغ، قال أبو الطيب: وهو فاسد؛ إذ يلزمه أن يقول: يلزمه العصر إذا أدرك من وقت الظهر خمس ركعات؛ كما في العصر.
قلت: وهذا من القاضي مشعر بأنه لا يقول بذلك، وقد حكى غيره عنه أنه قال:[إنه] يكون مدركاً للعصر بإدراك ركعة من وقت الظهر على قول، وبإدراك قدر تكبيرة على آخر؛ بناءً على أنه يدرك العصر بإدراك ذلك من آخر وقته، ويدرك بذلك- أيضاً- الظهر.
وعلى هذا ففساد مذهبه بالفرق بين ما نحن فيه وبين إدراك الظهر بما يدرك به العصر، وهو [أن] وقت العصر- تقديماً- تبعٌ لفعل الظهر؛ بدليل عدم صحة العصر قبل الظهر [في] وقت الظهر جمعاً.
ووقت الظهر- تأخيراً- ليس تبعاً لفعل العصر؛ بدليل صحته قبل العصر [جمعاً]، وإذا كان كذلك فوقت العصر وقت الظهر؛ فلزم بإدراكه الصلاتان، ووقت الظهر ليس وقتاً للعصر؛ فلا يلزم من إدراكه الصلاتان.