للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للسيد دون الورثة؛ فلم يكن لهم أن يعطوه من غيره.

قال القاضي أبو الطيب: فإن قيل هنا: الزكاة تتعلق بعين المال على قول تعلق شركة، ولرب المال دفعها من غيره.

قلنا: الفرق [بينهما]: أن مستحق الزكاة غير معين، وليس كذلك هاهنا؛ فإن [السيد هو المستحق]، وهو معين.

وقد أبدى الإمام احتمالاً أقامه وجهاً، وكذلك الغزالي، فيما إذا كان الأقل هو الواجب على الجاني -: أن الجاني إذا أتى للسيد بالدراهم، أجبر على قبولها؛ لأن ما يجب له يجب بحق الملك، [والواجب بحق الملك] النقد، فإذا أتى به فقد أتى بأصل حقه، [وإن أتى] له بالإبل أجبر على قبولها أيضاً.

ويخرج من ذلك: أن الخيار للجاني، وهو أفقه وأغوص عند الإمام، وإيراده في "الوجيز" يشعر بترجيحه.

وفي "الحاوي" ما يقتضي أن الواجب على الجاني إن كان هو أقل الأمرين، فالأمر كما حكيناه عن القاضي وغيره من قبل، وإن كان الأقل الواجب للسيد تعين على الجاني دفع الدراهم للسيد، وأجبر عليها السيد، ويسقط مما عليه من الإبل بقدرها، ويدفع الباقي للورثة؛ فإنه حكى فيما إذا قطع يد عبد، فعتق، فقطع آخر يده الأخرى، ومات بسرايتهما – فالدية عليهما نصفين، وللسيد منها أقل الأمرين، كما ذكرناه من قبل.

فإن [كان] نصف الدية أقل استوفى من القاطع الدية إبلا، وأعطى السيد نصفها إبلا، وهل يختص السيد بالنصف الذي على القاطع الأول، أو يشترك هو والورثة فيما على القاطعين؟ فيه وجهان. ولا يجوز أن يعدل بالسيد عن نصف الدية من الإبل إلى نصف القيمة إلا عن مراضاة.

وإن كان الأقل نصف القيمة [وجب أن يأخذ السيد من إبل الدية نصف قيمة عبده ورقاص أو ذهباً، فإن عدل به إلى الإبل لم يجز إلا عن مراضاة.

فإن قيل بالوجه الأول: إن حقه مختص بالجاني الأول، رجع عليه بنصف قيمة

<<  <  ج: ص:  >  >>