للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبده، وقوم بها من الإبل ما قابلها، ودفع ما بقي من نصف الدية مع جميع النصف الآخر إلى الورثة.

ومن هنا استنبطت ما ذكرته؛ فإن جميع ما وجب على الجانب في مسألة الكتاب نظير ما وجب على الجاني الأول إذا قلنا بانحصار حق السيد فيه.

قال الماوردي: وإن قيل باشتراك السيد والورثة أخذت الدية إبلاً، وكان للوارث الخيار بين أن يدفع للسيد نصف القيمة من ماله ويأخذ جميع الدية، وبين أن يبيع منها بقدر نصف القيمة ويأخذ الباقي؛ فإن أراد الوارث أن يدفع إلى السيد بنصف القيمة إبلا، لم يلزمه إلا عن مراضاة؛ لأن حقه في غيرها.

وهذا – أيضاً – يقتضي في مسألة الكتاب أن يكون للورثة الخيار كما ذكره؛ لأن حق السيد شائع في جميع ما وجب على الجاني، كما هو شائع فيما وجب على الجانيين.

ومساق هذا البحث: ألا يبرأ الجاني بإبراء السيد من قدر ما وجب له، وقد صرح الإمام والرافعي ببراءته، وهو يعضد ما اقتضاه كلام الشيخ، والله أعلم.

فرع حكاه الإمام في كتاب السير: إذا جرح مسلم ذميًّا؛ فنقض العهد، والتحق بدار الحرب، ثم استرق، ومات من تلك الجراحة – ففيما يجب على الجاني ثلاثة أقوال:

أضعفها – وهو ما حكاه القاضي الحسين، والإمام والدي: أنه أرش الجناية بالغاً ما بلغ، ورأيته في تعليق القاضي الحسين احتمالاً لنفسه.

والقول الثاني: أنه تجب القيمة بالغة ما بلغت، ولا ينظر إلى الأرش.

قال الإمام: ويعرض عليه إشكال؛ فإن الجناية قد تخللها حالة إهدار.

وكذا فيما إذا جرح مسلم مسلماً، فارتد المجروح، ثم أسلم، ومات، وقلنا: لا تجب الدية الكاملة – فماذا يجب على الجارح؟ وجهان:

أحدهما: نصف الدية؛ نظراً إلى حالة العصمة، والإهدار.

والثاني: ثلثا الدية؛ نظراً إلى حالتي العصمة، والإهدار؛ فيجب أن يجريا هاهنا على [هذا] القول.

<<  <  ج: ص:  >  >>