قال الرافعي: والذي يوجد للأكثرين في الصورة التي حكاها الإمام: أن المصدق الولي، وربما قطعوا به.
وعن أبي الطيب بن سلمة تخريج قول من مسألة الملفوف: أنه يصدق الجاني؛ لأن ما يقوله محتمل، والأصل براءة الذمة.
قلت: ولما جزم به الإمام أصل في المذهب يعضده، وهوأن المدعي من هو؟ هل هو الذي يُخَلَّى وسكوته، أو من يدعي خلاف الظاهر؟ وفيه خلاف بين الأصحاب حكاه الغزالي في آخر الرهن، وفي آخر نكاح المشركات، وفي أوائل الدعاوى والبينات.
فإن قلنا: إن المدعي من يدعي خلاف الظاهر، فهو في مسألتنا الوليُّ.
وإن قلنا: هو من يُخَلَّى وسكوته، فهو أيضاً الولي.
فظهر أنه مدع على كل حال، وإذا كان مدعياً، كان الجاني مدعي عليه؛ فيكون القول قوله جزماً، وألا انخرم الأصل المذكور.
نعم، يظهر من هذا الأصل اختلاف فيما إذا انعكس الحال؛ فكان الظاهر يصدق الولي، ويكذب الجاني-:
فإن قلنا: إنه الذي يخلي وسكوته، [فالولي يخلي وسكوته]؛ فيكون الجاني مدعى عليه؛ فيكون القول قوله.
وقد جزم الغزالي بقبول قول الولي، وهو من طريق الأولى عند الرافعي، [والله أعلم].
ولو قال الجاني: مات بالسراية، أو: قتلته قبل الاندمال، وفرعنا على التداخل، وادعى الولي أنه مات بسبب آخر، بأن قال: إنه قتل نسه، أو شرب سمًّا موحياً، أو: قتله آخر – فوجهان: