للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأظهرهما – وهو الذي أورده في "التهذيب"-: أنه تجب دية مغلظة على الجاني؛ لأنا إذا قلنا بالتداخل فمعناه إسقاط بدل الطرف، والاقتصار على بدل النفس؛ لتصير الجناية نفساً، وإذا قلنا بعدم التداخل فيجب نصف دية مخففة على العاقلة لليد، ودية مغلظة على الجاني للنفس.

ولو قطع يده عمداً، ثم حزَّ رقبته خطأ – فللولي قطع يده؛ فإذا فعل وقلنا بالتداخل، أخذ نصف الدية مخففاً من العاقلة، وإذا عفا، فعلى وجه: يجب نصف دية مخففة، [ونصف دية مغلظة لليد، وعلى وجهٍ: تجب دية مخففة] للنفس.

وإن قلنا بعدم التداخل، فيأخذ كمال الدية ومخففة عند استيفاء القطع، وعند العفو [يجب نصف دية في مال الجاني مغلظاً]، [ودية على العاقلة مخففاً].

والفرع: إذا اختلف الجاني وولي المقتول، فادعى الجاني أنه مات بالسراية، وقال ولي المقتول: بل مات بعد الاندمال – نظر:

إن لم يمكن الاندمال في تلك المدة؛ لقصر الزمان، كيوم ويومين – فالقول قول الجاني بلا يمين.

وعن "تعليق" الشيخ أبي حامد أنه يحلف؛ لجواز أن يكون الموت بسبب حادث؛ كلسع حية، وشرب سم مذفف، ولم يستحسن ما ذكره؛ لأن تنازعهما في الاندمال، والسبب الآخر لم يجر له ذكر حتى يُنْفَى.

فإن أمكن الاندمال في تلك المدة، فقد قال ابن الصباغ والروياني: إن مضت مدة طويلة لا يمكن أن تبقى الجراحة فيها غير مندملة فالقول قول الجاني بلا يمين، وإن أمكن الاندمال وعدمه في تلك المدة فالقول قوله مع اليمين.

قال الرافعي: ويشبه أن يقال: ليس لمدة الاندمال ضبط، وقد تبقى الجراحة سنين كثيرة، والشخص ضمنا بسببها إلى أن يموت منها؛ فينبغي ألا يكون التصديق عند إمكان الاندمال إلا باليمين. وهذا ما ذكره صاحب "التهذيب" وغيره.

وقال الإمام: إن أمكن الاندمال، لكنه كان بعيداً، وكان الظاهر خلافه – فالقول قول الجاني؛ بناء على ظاهر الحال، وادعى وفاق الأصحاب عليه، وهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>