للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن نصفه حر ونصفه رقيق إذا قتل خطأ، يجب نصف الدية على عاقلته؛ كذا حكاه الرافعي عن "فتاوى" صاحب "التهذيب".

قال: وما يجب بخطأ الإمام فهو في بيت المال في أحد القولين؛ لأن الدية وجبت بالحكم بين المسلمين؛ فكانت من بيت مالهم، وأيضاً: فإن خطأ الإمام يكثر؛ فلوأوجبناه على عاقلته لأدى ذلك إلى الإجحاف بهم؛ فكان بيت المال احق بهن وهذا ما اختاره في "المرشد".

فعلى هذا: هل تجب الكفارة في بيت المال أو في ماله؟ فيه قولان حكاهما القاضي أبو الطيب والماوردي، وهما في "المهذب" وجهان، واختار في "المرشد" منهما: الأول.

ووجه الفرق على الثاني: أن الكفارة عبادة محضة؛ فكانت في ماله.

قال: وعلى عاقلته في [القول] الآخر؛ كما لو لم يكن إماماً، وهذا ما صححه النواوي والشيخ أبو حامد والقاضي الروياني وغيرهم، ويشهد له: أن عمر – رضي الله عنه –حين ضمن جنين المرأة التي أرهقها؛ فألقته ميتاً، قال لعلي – كرم الله وجهه -: "عَزَمْتُ عَلَيْكَ أَلاَّ تَبْرَحَ حَتَّى تَضْرِبَهَا عَلَى قَوْمِكَ" يعني: من قريش؛ لأنهم عاقلة عمر، ولم ينكر ذلك أحد من زمنهم، ولا من جميع الأمة، كما قاله الماوردي.

وحكم عمد خطأ الإمام حكم خطئه على ظاهر المذهب، كما حكيناه عن الأصحاب في مسألة قتل الحامل.

وقد حكينا ثم عن القاضي الحسين وغيره: أنه يكون على عاقلته جزماً، وبه صرح الإمام؛ حيث ذكر هذه المسألة في حد الشرب بفروعها، وقال: إن الأئمة قالوا: ما ذكرناه من القولين فذاك إذا لم يظهر منه تقصير في الواقعة؛ فإن ظهر تقصيره فلا خلاف في أن ما يلزمه لا يضرب على بيت المال. وضرب له مثالاً، وهو استيفاء الحد من الحامل مع علمه بحملها.

<<  <  ج: ص:  >  >>