[قال: وما يجب من الدية بالخطأ أو عمد الخطأ، فهو مؤجل، لأن العاقلة تملها علىوجه المواساة؛ فوجب أن يكون وجوبها مؤجلاً، أصله: الزكاة؛ فإنها تؤخذ في كل سنة].
قال: فإن كان دية نفس كاملة - أي: وهي دية الرجل الحر المسلم - فهو مؤجل في ثلاث سنين، في كل سنة ثلثها؛ لقول الشافعي - رضي الله عنه-:ولا اختلاف بين أحد علمته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بها في ثلاث سنين".
ولأنه روي عن عمر -رضي الله عنه - أنه جعل الدية على العاقلة في الأعطية أثلاثاً في ثلاث سنين.
وكذلك روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه جعل الدية على العاقلة أثلاثاً.
وروى الشيخ أبو حامد عن عليٍّ - كرم الله وجهه- مثل ذلك.
ومنه دليلان:
أحدهما: أنه إجماع الصحابة.
والثاني: أنهم لا يقولون ذلك إلا توقيفاً؛ لأنه لا مدخل للقياس فيه.
وقول ابن المنذر: "إن ما ذكره الشافعي - رضي الله عنه- لا يعلم له أصلاً من كتاب ولا سنة"، وقول أحمد بن حنبل - رضي الله عنه- حين سُئل عن ذلك: "لا أعرف فيه شيئاً"- فقد أجاب أصحابنا عنه بجوابين:
أحدهما - وهو قول ابن أبي هريرة - أن مراد الشافعي بقضائه: تأجيل الدية في ثلاث سنين، وانه مروي، لكنه مرسل؛ فلذلك لم يذكر إسناده.
والثاني- وهو ماحكاه القاضي أبوالطيب أنه لا يجوز أن يرد قولالشافعي بذلك؛ لأنه عرفه، وغيره لم يعرفه.
وقد قال الغزالي في كتاب السير، عند الكلام في أراضي الكفار: إن الشافعي أعلم القوم بالأخبار والتواريخ.
قال القاضي الحسين: وقد اختلف أصحابنا في المعنى الذي لأجله كانت في ثلاث سنين: