للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى الأول: تجب على الجاني]، وهو المختار في "المرشد"؛ لأنها وجبت عليه في الأصل؛ فإذا تعذر من يتحمل بقي الوجوب في محله، ولأن الأصحاب متفقون على وجوبها على الذميّ إذا لم يكن له عصبة.

وعلى الثاني: لا تجب [عليه]؛ لوجوبها على غيره.

وهما كالوجهين في زكاة الفطر إذا كان الزوج معسراً، والزوجة موسرة، وقطع القاضي الحسين بأن نوجب على الزوجة الفِطْرة، ولا نوجب على الجاني الدية، وإن قلنا: إنها تجب عليه ابتداء، ثم تنتقل إلى العاقلة. وفرق بأن الزكاة الأصل وجوبها على المكلف، غيرأنه يتحمل عنها الزوج لعارض؛ فإذا لم يجب عليه التحمل عاد إلى الأصل. ودية الخطأ الأصل وجوبها على العاقلة وأخذها من مالهم؛ فجاز ألا تعود إليه، وإن تعذر استيفاؤها منهم.

قال الإمام: وما ذكره غير سديد، والأصحاب كلهم على ذكر الخلاف في الجاني، ويتفرع على الوجهين فروع:

منها: إذا كان الجاني معسراً؛ فإن قلنا بوجوبها عليه، ثبتت في ذمته إلى أن يوسر، وإن قلنا: لا تجب عليه، بقيت ديناً في بيت المال، كما قاله الماوردي.

وعن "شرح [مختصر" الجويني] وجه: أنها تجب على جميع المسلمين؛ كنفقة الفقراء.

والقاضي الحسين حكى وجهين فيما إذا لم يكن في [بيت] المال شيء، ثم ظهر بعد ثلاث سنين، [من غير بناء:

أحدهما: لا يؤدي منه؛ كما لو صارت العاقلة موسرين بعد ثلاث سنين]، لا تضرب عليهم.

والثاني: يؤدي؛ لقوله – عليه السلام-: "لا يترك في الإسلام مُفْرحٌ". ولأنه مرصد للمصالح، وهذا منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>