[و [قد] قال الإمام: إن القاضي فرعهما على قولنا: إن القاتل لا يؤاخذ بالدية أصلاً. ثم قال]: وقد بنى على هذين الوجهين الخلاف في أن الجاني هل يغرم، أم لا؟
فإن قلنا: يؤخذ عند يسار بيت المال منه، لم تجب عليه، وألا وجبت عليه.
ومنها: إذا أوجبنا عل ىلجاني؛ فهل تجب على ابنه وأبيه؛ كام تجب عليه؟ فيه وجهان:
أحدهما – وبه قال أبو عليّ الطبري -: نعم، ونبدأ بهما قبل القاتل؛ لأنا [لا] نحمل الأب والابن؛ لأنهما بعضه؛ فإذا تحمل تحملا.
قال الرافعي: وأقواهما عند البغوي: المنع؛ لأن الإيجاب على القاتل من جهة أنه الأصل، وغيره يتحمل عنه؛ فإذا تعذر التحمل طولب بحكم الأصل، وهذا المعنى لا يتحقق في الأب والابن، وهذا ما أبداه الشيخ في "المهذب" احتمالا، واختاره في "المرشد".
والوجهان – كما حكاهما العمراني عن رواية الطبري – جاريان فيما إذا لم يكن للذمي عاقلة، وقال: إن الذي عليه الأكثرون: الأول، والذي صححه البغوي والإمام: الثاني أيضاً.
قال: ولا يعقل فقير-أي: وإن كان معتملاً – لأن حمل العاقلة لإزالة الضرر عن ولي المقتول؛ كي لا يهدر الدم، وتخفيفاً عن القاتل، كي لا يذهب جميع ماله، ولا يجوز أن يزال الضرر عن إنسان بإلحاق الضرر بغيره، وفي إيجابه على الفقير إضرار به.
ولأن ذلك طريق المواساة، والفقير ليس من أهلها؛ فلا تجب عليه كنفقة الأقارب.
وبهذا يخرج إيجاب الجزية على الفقير على قولٍ، لأنها تجب عوضا عن حقن دمه، والسكنى في الدار والغني والفقير في ذلك سواء.