للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القاضي أبو الطيب وغيره: لأن الزكاة تجب طهرة للصائم من الرفث، ولا تجب للمواساة، ولهذا يجب إخراجها عن العبيد، وليسوا من أهل المواساة.

ومن هذا الفرق يظهر لك أن المراد بالفقير هاهنا: ليس من لا يملك شيئاً [أصلا]؛ فإنه لو كان كذلك لم تجب عليه زكاة الفطر، ولما حسن من الأصحاب ذكر الفرق؛ فتعين أن المراد به: من لا يملك ما يفضل عن كفايته على الدوام.

قال: ولا صبي ولا معتوه؛ لأن حمل العقل مبني على النصرة، وليس الصبي والمعتوه من أهلها؛ لأن من لا عقل له ولا تمييز لا يصح منه النصرة بالفعل ولا بالرأي، وهذا بخلاف الشيوخ والزمنى والعميان والشباب الضعفاء؛ فإنهم يتحملون العقل، كما حكاه القاضي أبو الطيب، وإن عجزوا عن النصرة بالفعل؛ لقدرتهم على النصرة بالقول والرأي؛ فإن النصرة ليست كلها بالسيف، وإنما هي بالسيف والرأي وبالكلام.

وفي "المهذب" و"الحاوي" حكاية وجه في الشيخ الهِمَّ والمريض البالغ حدّ الزمانة: أنه لا يحمل؛ بناء على القول بامتناع قتل مثله من المشركين إذا أسر.

وحكاه الفوراني في الزَّمِن –أيضاً – بناء على ضرب الجزية [عليه]، وقال به أبو علي بن أبي هريرة في "التعليقط فيما إذا كان زمناً من يديه ورجليه.

وقال القاضي أبو الطيب: إنه خطأ. وقدحكاه الرافعي في الأعمى أيضاً.

والمذهب – كما قال القاضي أبو الطيب -: الأول؛ لما ذكرناه.

فإن قيل: إذا اتبعتم النصرة بالرأي والكلام دون الفعل، فينبغي أن تعقل النساء؛ لأن لهن رأياً وكلاماً، وقد اتفق الأصحاب على أنهن لا يعقلن.

قلنا: جوابه من وجهين.

أحدهما: أن رأيهن ناقص.

ثم لو سلم كماله في بعضهن، فقد منع منه قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في المرأة التي حكم عليها بالغرة لما توفيت: بأن ميراثها لبنيها، وبالعقل على عصبتها،

<<  <  ج: ص:  >  >>