واجباً، وهو قضية كلام الماوردي، وكذا ابن الصباغ؛ حيث قال: لم يكن للإمام أن يقاتلهم حتى يبعث إليهم ويسألهم عن شبهتهم.
وقال البندنيجي: لم يجز قتالهم حتى تقع المراسلة.
وقال الإمام: لا يحل [له] أن يبغتهم بالقتال.
وفي "تعليق" القاضي الحسين: أن افمام لو أراد قتالهم قبل تقديم المناظرة، قال بعض أصحابنا: يحتمل وجهين؛ بناء على استتابة المرتد: إن قلنا: لا تجب الاستتابة، فله ذلك؛ لأنهما سواء في أن الشبهة اعترضت على كل واحد منهما. وأصح الوجهين: أنه يناظرهم؛ لأنهم ليسوا أسوأ حالاً من المشركين، والنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا وجه سريَّةً يأمرهم أولاً بأن يدعوهم إلى كلمة الشهادة.
قال: فإن أبَوْا، أي: إما عن العود إلى الطاعة بعد إزالة ما ادعوه من الشبهة، أو عن المناظرة على ما امتنعوا لأجله، كما قال البندنيجي وغيره.
قال: وعظهم وخوفهم بالقتال؛ لأن ذلك أقرب إلى تحصل المقصود، فإن أبوا قاتلهم، أي: إذا علم الإمام أن في عَسْكره قدرةً عليهم، ويكون القصد بالقتال دفعهم عما هم عليه – كما قاله البندنيجي- دون قتلهم.
ووجهه فيمن أراد خلع الإمام قولُهُ تعالى:{فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}[الحجرات: ٩] أي: ترجع إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما قاله قتادة؛ فإذا أمر بقتال طائفة بغت على طائفة أخرى حتى تفيء إلى أمر الله، [فلأَنْ يقاتل الذين بغوا على الإمام إلى أن يفيئوا إلى أمر الله] أولى.
وأيضاً: فإن عليًّا – كرّم الله وجهه – لما ردَّ عليه ابن عباس – رضي الله عنهم – خبر من بقي من أهل النهروان قال لأصحابه: سيروا على اسم الله تعالى؛ فلن ينقلب منهم عشرة، ولن يتقل [منّا] عشرة. فساروا معه إليهم، فقتلهم، وأفلت منهم ثمانية، وقتل من أصحاب علي – رضي الله عنه – تسعة.