وقاتل علي – رضي الله عنه – أيضاً أهل "البصرة" يوم الجمل، ومعاوية بـ"صفين".
ووجهه في مانعي الزكاة والحقوق: ما روي أن أبا بكر [الصديق] –رضي الله عنه – لما منعه أهل الردة الزكاةَ، وتمسكوا من قوله تعالى:{فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}[التوبة:١٠٣] بأمرين:
أحدهما: أن الله تعالى خاطب بالأخذ نبيَّه صلى الله عليه وسلم دون غيره.
والثاني: أن صلاة ابن أبي قحافة ليست سكناً لهم كصلاته صلى الله عليه وسلم.
ظهر له فساد قولهم، وأزمع على قتالهم؛ فأشار عليه جماعة بالكف عنهم، منهم عثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف؛ فقال أبو بكر – [رضي الله عنه -: يا أصحاب محمد، لا فرقت بين ما جمع الله – يعني قوله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}[البقرة: ٤٣] – والله، لو منعوني عناقاً – أو عقالاً – مما أعطو رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلهم عليه، فقال له عمر – رضي الله عنه -: علامَ تقاتلهم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قَاتِلُوا النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، فَإِذَا قَالُوها عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ"؟! فوكز أبو بكر في صدر عمر – رضي الله عنهما – وقال: إليك عني، شديداً في الجاهلية، خوّاراً في الإسلام؟! وهل هذا إلا من حقها؟! قال عمر – رضي الله عنه -: فشرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر، رضي الله عنه. فحينئذ أجمعوا معه على قتالهم مع مُقامهم على الإسلامز
ولأنهم لما قوتلوا لامتناعهم من حق الإمام في الطاعة، كان قتالهام على امتناعهم من حق الله تعالى في الزكاة أولى، وقد حُكي عن الشافعي – رضي الله عنه – أنه قال: أخذ المسلمون السيرة في قتال المشركين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذوا السيرة من قتال المرتدين من أبي بكر – رضي الله عنه –وأخذوا السيرة في قتال البغاة من علي، رضي الله عنه!