قسم يكون واجباً، وهو يؤخذ من خمسة أمور:
أحدها: أن يتعرضوا لحريم أهل العدل أو لإفساد سبيلهم.
والثاني: أن يتعطل جهاد المشركين بهم.
والثالث: أن يأخذوا من حقوق بيت المال ما ليس لهم.
والرابع: أن يمتنعوا من دفع ما وجب عليهم.
والخامس: أن يتظاهروا على خلع الإمام الذي قد انعقدت بيعته ولزمت طاعته.
وقسم يكون مباحاً، وهو ما إذا انفردوا عن الجماعة، ولم يمنعوا حقاًّ، ولا تعدوا إلى ما ليس لهم؛ فيجوز للإمام قتالهم لتفريق الجماعة، ولا يجب؛ لتظاهرهم بالطاعة.
وقسم مختلف فيه هل هو مباح أو واجب؟ وهو ما إذا امتنعوا – مع انفرادهم – من دفع زكوات أموالهم الظاهرة، وأقاموا بتفريقها في أهل السُّهْمان ففيهم قولان
أحدهما – وهو قياس قول الشافعي، رضي الله عنه في القديم -: أن قتالهم عليها [واجب إذا قيل بوجوب دفعها إلى الإمام.
والثاني – وهو قياس قوله في الجديد -: أن قتالهم عليها] مباح، وليس بواجب إذا قيل: إن دفعها إلى الإمام مستحب.
فإذا عرفت ذلك علمت أن كلام الشيخ منطبق على القسم الأول والأخير؛ فيكون مراده: الوجوب، وهو ظاهر اللفظ، وهذا [ما] حكاه الماوردي بعد أن قال: إن إباحة قتال البغاة على بغيهم معتبرة بثلاثة شروط متفق عليها، ورابع مختلف فيه – وكذلك هي في "تعليق" القاضي أبي الطيب و"الشامل"، وفي كلام الشيخ – رضي الله عنه - إشارة إلى بعضها كما نُنِّبه عليه-:
أحدها: أن يكونوا في منعة بكثرة عددهم؛ بحيث لا يمكن تفريق جمعهم إلا بقتالهم، فإن كانوا آحاداً لا يمتنعون استُوفيت منهم الحقوق، ولم يقاتلوا. وهذا يؤخذ من قول الشيخ: طائفة، ومن قوله: امتنعوا بالحرب؛ لأن من لا منعة فيه ولا قوة لا يمتنع بقتال.
والثاني: أن يعتزلوا عن إمام أهل العدل بدار ينحازون إليها ويتميزون بها