للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وإن أتلف عليهم أهل العدل شيئاً، يعني من نفس ومال، دعت الحاجة إلى إتلافه بالقتال في حال الحرب-[لم يضمنوه؛ لأنهم مأمورون بقتالهم، وقتالهم يفضي إلى ذلك، فلم يلزم ضمانه، كنفس من قصد نفسه أو ماله من قطاع الطريق.

قال: وإن أتلف أهل البغي على أهل العدل شيئاً، أي: من نفس ومال في حال الحرب] مع الحاجة إلى إتلافه، ففيه قولان:

أصحهما: أنهم لا يضمنون.

قال الشافعي – رضي الله عنه –: لأن الله – تعالى – أمر أن نصلح بينهم بالعدل، ولم يذكر وجوب الضمان على أهل البغي في الدماء والأموال؛ فدلَّ على أنها ساقطة الضمان، ولأن الحروب جرت في عصر الصحابة والتابعين – رضي الله عنهم – كوقعة الجمل وصفين، [ولم] ينقل أن بعضهم طالب بعضاً بضمان نفس ولا مال مع معرفة القاتل والمقتول، كما رواه ابن شهاب الزهري، ولأن الغرامة لو وجبت لم يؤمن أن ينفرهم ذلك عن العود إلى الطاعة، ويحملهم على التمادي فيما هم فيه، [ولأجل] ذلك أسقط الشرع التَّبِعات عن أهل الحرب إذا أسلموا، وهذا ما حكاه الماوردي عن الجديد، وفي "تعليق" البندنيجي: أنه الذي قال به في القديم.

والقول الثاني: أنهم يضمنون؛ لما روي أن أبا بكر – رضي الله عنه- قال للذين قاتلهم بعدما تابوا: "تَدُونَ قَتْلاَنَا، وَلاَ نَدِي قَتْلاَكُمْ"، ولأنهما فريقان من المسلمين [محق ومبطل]، فلا يستويان في سقوطالغرم؛ كقطاع الطريق

<<  <  ج: ص:  >  >>