فرع: حيث لا يقبل قول المدعي الإيفاء إلا ببينة، فلو أحضر خطًّا بالقبض منه، قال الماوردي: فإن كانت محتملة شبهة لم يُعمل بها، وإن كانت سالمة من الاحتمال ظاهرة الصحة، فهل يعمل بها في حقوق بيت المال؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم؛ اعتباراً بالعرف فيها.
والثاني- وهو الأصح في "الحاوي" -: [لا؛] كما لا يجوز العمل بها في الأحكام، ولا في حقوق المعاملات؛ لدخول الاحتمال فيها، وإمكان التزوير.
قال: وإن أظهر قومٌ رأيَ الخوارج، ولم يظهروا ذلك بحرب، لم [نتعرض إليهم].
الخوارج: صِنف مشهور من المبتدعة، يعتقدون أن من أتى كبيرة فقد كفر وحبط عمله، واستحق الخلود في النار، وأن دار الأمير تصير بظهور الكبائر فيها دار كفر وإباحة؛ فيكون من تولاهم جرى عليه حكمهم؛ فلذلك طعنوا في الأئمة، وامتنعوا من الصلاة خلف واحد منهم، ولزموا تجنب [الجمعات و] الجماعات. فإظهار رأيهم أن ينطقوا بمعتقدهم، يوتجنبوا حضور الجمعات والجماعات، فإذا فعلوا ذلك ولم يُظهروه بحرب، بل استمروا على طاعة الإمام [ظاهرا] – لم نتعرض إليهم؛ لما رُوي أن عليًّا – كرم الله وجهه – سمع وهو في الصلاة رجلاً يقول، [وهو] في جانب المسجد: لا حُكْمَ إلا لله ولرسوله، وقصد بذلك تخطئة عليّ في التحكيم بينه وبين معاوية، فقال علي – كرم الله وجهه – وهو [في] خلال الصلاة – كما نقله القاضي الحسين-: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ}[الروم: ٦٠]، وقصد به قراءة القرآن، وإن تضمن ذلك ردًّا عليه، ومثل ذلك لا يضر بالصلاة عندنا كما قاله القاضي [الحسين]، فلما فرغ من الصلاة قال:"كلمة حق أُريد بها باطل"، [كما] قال الماوردي، وهذا أحسن جواب فيمن عرض بمثل هذا القول. ثم قال [علي] – رضي الله عنه -: "لكم