للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان عدد القتلى أربعة آلاف، وهذا يدل على إجراء حكم أهل العدل عليهم، وأنه لا يسقط بخلع الطاعة.

وفي "المهذب" و"الشامل" و"الحاوي" وغيرها وجه: أنه يتحتم قتل القاتل منهم؛ بالقياس على القتل في المحاربة.

وفي "التتمة" تخصيص الخلاف بما إذا قتل في حال القتال، أما إذا أظهروا ذلك بحرب فقد قال في "التهذيب": إنهم فسقة وأصحاب نهب؛ فحكمهم حكم قطاع الطريق. وهو قضية ما ذكرناه عن الأصحاب من قبل في أن مِن شَرْط الباغي أن يكون تأويله محتملاً يسوغ في الشرع، كالذي تأوله أهل الجمل وصفين في المطالبة بقتلة عثمان –رضي الله عنه – وأنهم إذا لم يكن لهم تأويل أجري عليهم حكم الحرابة وقطاع الطريق، فعلى هذا: يضمنون ما يتلفونه في حال القتال من نفس ومال جزماً؛ لان تأيلهم كَلاَ تأويلٍ، بل هم به كفرة على رأي، وقد صرح بذلك المتولي.

قال: وإن صرحوا بسب الإمام، [أي:] أو أحد من أهل العدلن مثل أن قالوا: يا فاسق أو يا ظالم – عَزرهم؛ لتعديهم بإتيان معصية لا حَدَّ فيها ولا كفارة.

وقد روي أن عدي بن أرطاة كتب إلى عمر بن عبد العزيز – رضي الله عنه -: إن الخوارج عندنا يسبونك، فكتب إليه: إن سبوني فسبوهم أو اعفوا عنهم.

قال: وإن عرضوا بسبِّهِ، أي مثل أن قالوا: ما بقي في الناس عادل، أو قد عم الظلن الناس – لم يتعرض إليهم؛ لأنه يحتمل السب وغيره، فلا يرتب عليه ما يرتب على السب المحقق، وروي أن رجلاً من الخوارج قال لعلي – رضي الله عنه – بعد صلاة الصبح: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: ٦٥]، فأجابه عليَّ: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ} [الروم: ٦٠]، ولم يتعرض له بتعزير ولا غيره، وقيل: يعزرهم؛ كي لا تنخرق الهيبة، ويجعلوا التعريض تصريحاً.

وهذا الذي ذكرناه هو المذكور في طريقة أهل العراق و"الحاوي"، وكذا في

<<  <  ج: ص:  >  >>