للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في [أن] تصرفات السكران ينفذ منها ما عليه بلا خلاف، والقولان فيما له، فعلى هذه الطريقة يجيء قول كما قال الماوردي [وغيره]: أنه لا يصح إسلامه بعد ارتداده؛ لأنه تخفيف، وإن صحت ردته، وإن كان بعد كفر يُقَرّ عليه كالذمي؛ صحَّ لأنه تغليظ.

وأطلق القاضي الحسين قولاً: أنه لا يصح إسلامه، وإن صحت ردته.

وعن رواية ابن كج طريقة أخرى قاطعة: بأنه لا يصح عوده إلى الإسلام، وحكى الجزم بالمنع فيما لو كان قد ارتد صاحياً، ثم سكر فأسلم، قال الماوردي: وما صار إليه ابن أبي هريرة خطأ؛ لأن السُّكْرَ إن سلبه حكم التمييز وجب أن يعم كالمجنون، [وإن لم] يسلبه حكم التمييز وجب أن يعم كالصاحي، ولا يصح أن يكون مميزاً في بعض الأحكام وغير مميز في بعضها؛ لتناقضه في المعقول، وفساده في الأصول؛ فثبت بهذا أن الظاهر: الأول، وعلى هذا لو قتله قاتل تعلق به الضمان والقصاص.

وذكر الإمام: أن بعض الأصحاب يشير به إلى الفوراني، فإنه مذكور في "إبانته"؛ ذكر قولاً في إهداره أخذاً من الخلاف فيما إذا اسلم أحد أبوي الطفل بعد علوقه على الكفر، ثم بلغ وقُتِل قبل أن يعرب عن نفسه بالإسلام، هل يجب الضمان على قاتله أم لا؟ والتقريب: أن الإسلام الصادر من السكران حكميّ؛ إذ ليس له عقل صحيح، كما أن الإسلام الحاصل بتبعية أحد الأبوين حكميّ، ثم قال: إنه ليس بشيء، وإن قلنا بعدم صحة ردته، فلو قتله قاتل تعلق بقتله القصاص والضمان، وفي وجه: لا يجب القصاص للشبهة، وتجب الدية، ويحكي هذا عن [ابن] القطان.

قال: وأما المكره فلا تصح ردته، [أي]: إذا كان قلبه مطمئناًّ بالإيمان؛

<<  <  ج: ص:  >  >>