لقوله – تعالى:{إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ}[النحل: ١٠٦]، ويجوز له النطق بكلمة الردة بالشرط المذكور، وهل يجب؟ فيه وجهان، أصحهما: المنع مصابرة وثباتاً على الدين، كما يعرض نفسه للقتل في الجهاد ذبًّا عن الدين، وعلى هذا فالأفضل أن يثبت ولايتكلم بكلمة الردة.
ومن الأصحاب من قال: إن كان ممن يتوقع منه النكاية [في العدو] والقيام بأحكام الشرع، فالأفضل أن يتكلم بها، ويدفع القتل عن نفسه؛ لما في بقائه من الصلاح، وإلا فالأفضل أن يمتنع، وهذا ما أورده الماوردي، واختاره في "المرشد".
أما إذا أُكره على التلفظ [كلمة الردة]، فاعتقد ذلك بقلبه – صحت ردته؛ لقوله تعالى:{وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً}[النحل: ١٠٦].
ولو تجرد قلبه في حالة الإكراه على التلفظ بكلمة الردة عن [اعتقاد الإيمان والكفر]، ففيه وجهان في "الحاوي":
أحدهما: أنه باق على إسلامه؛ لأن ما حدث من الإكراه معفو عنه.
والثاني: أنه يكون مرتداً حتى يدفع حكم لفظه بمعتقده؛ لأنه لا عذر له في تركه.
قال: وهكذا المُكْرَه على الطلاق، تعتبر فيه هذه الأحوال الثلاثة في لفظه ومعتقده.
ولا خلاف أن الحربي والمرتد إذا أُكرِها على الإسلام صح إسلامهما؛ كما حكاه البندنيجي والقاضي أبو الطيب وغيرهما، وفي صحة إسلام الذمي بالإكراه عليه وجهان في "المهذب" في [موضع منه لم يحضرني ذكره]، وفي "النهاية" في كتاب الظهار، وفي "تعليق" القاضي الحسين في باب صفة العمد، والمجزوم به منهما في "الحاوي" و"تعليق" البندنيجي والقاضي أبي الطيب [و"الذخائر" وغيرها] في باب قتل المرتد: [المنع]، كما في الإكراه على الردة، [وهو في