موضع آخر من المهذب]، ونقل مجلي أن الغزالي قال: إن الصحيح أن المرتد إذا حُمل على التوبة بالسيف فلا أثر لها، ومذهب الشافعي – رضي الله عنه – الأول، وقد حكى عن [أبي] إسحاق أيضاً.
قال: وكذا الأسير في يد الكفار، أي: مقيداً [كان] أو محبوساً، لا تصح ردته، أي: سواء طلبت منه أم لا؛ لأن الحبس والقيد إكراه، وهذا ما حكاه الرافعي والقاضي أبو الطيب عن النص، لكن في كلام الأصحاب ما يقتضي خلافه؛ فإنهم قالوا: إذا قامت بيّنة على شخص بأنه ارتد بقوله كذا وكذا، فقال: كنت مكرهاً فيما أتيت به- نظر: فإن كانت قرائن الأحوال تشهد له بأنْ كان في أسر الكفار، أو كان محفوفاً بجماعة منهم وهو مستشعر – صدق بيمينه، وإنما حلف؛ لاحتمال كونه مختاراً؛ [فإنه يصح ذلك الكلام]. وإن لم تشهد القرائن [بصدقه]؛ بأن كان في دار الإسلام – [لم] يقبل قوله، وأجري عليه أحكام المرتدين.
وهكذا الحكم لو كان في دار الحرب وهو آمن؛ لكونه في خلوة، [و] لا يشعر به أحد منهم، وهذا يقتضي أن محل عدم الحكم بردته إذا ادعى الإكراه، مع كونه في أيدي الكفار، أما قبل الدعوى واليمين فلا، ويؤيده ما حُكي عن القفال أنه لو ارتد الأسير في أيدي الكفار، ثم حَلَّ بهم خيل المسلمين، فاطلع عليهم من الحصن وقال: أنا مسلم، وإنما تشبهت بهم؛ فَرَقاً منهم – يقبل قوله، ويحكم بإسلامه، وإن لم يدَّعِ ذلك حتى مات، فالظاهر أنه ارتد طائعاً، وإن مات أسيراً.
ولو رجع الأسير إلى بلاد الإسلام، ومات قبل أن يظهر إسلامه – هل يورث؟ قياس ما ذكرناه عن القفال: لا، وقد صرح الماوردي بحكايته عن