والفرق: أن المرتدين متخلفون عن الإسلام وأحكامه؛ فهم بأهل الحرب أشبه، ثم يجيء على طريقة التضمين الخلاف في أنهم:[هل] يضمنون النفس بالقصاص أم لا؟ كما ذكرنا في أهل البغي، وبه صرح البندنيجي هنا.
تنبيه: احترز الشيخ بالمسلم عما إذا أتلف المرتد نفس ذمي؛ فإن في ضمانه لها بالقصاص خلافاً تقدم، وأما ضمانه لماله ولنفسه بالدية فهو فيه كالمسلم.
فرع: إذا زنى في ردته أو شرب الخمر فيكتفي بقتله، أم يقام عليه الحد ثم يقتل؟ حكي عن رواية ابن كج فيه وجهان، أصحهما: الثاني.
قال: وإن ارتد وله مال ففيه قولان، أي منصوصان في صدقة الورق.
أحدهما: أنه باق على ملكه؛ لأن الكفر لاينافي الملك كالكفر الأصلي، ولأن الردة سبب لهدر الدم فلا تزيل الملك؛ كالزنى والقتل في الحرابة، وهذا قد نص عليه – أيضاً – في زكاة المواشي، وهو الأصح في "الحاوي"، واختاره المزني والنواوي.
والثاني: أنه موقوف، فإن رجع إلى الإسلام حكم بأنه له، وإن لم يرجع حكم بأنه زال بالردة كبضع زوجته؛ ولأن ماله يعتبر بدمه، ودمه موقوف؛ فكذلك ماله، وهذا ما نص عليه في هذا الباب، وهو أصح في "التهذيب".
وقيل: فيه قول ثالث: أنه يزول بنفس الردة؛ لأن ردته أزالت ملكه عن دمه الذي هو أعز الأشياء عليه، فَلأَنْ تُزيل ملكه عن ماله أولى، وأيضاً فإنه يشبه النكاح قبل الدخول؛ [لعدم العلقة بعد الردة، والنكاح قبل الدخول] يزول بها؛ فكذلك ماله.