في الجديد، وفي بعض التصانيف قول محكي عن الشافعي في القديم: أنه لا يؤذن المنفرد، ولكن يقيم، وقال بعض أئمتنا: إن كان يرجو حضور جماعة أذن، وإلا فلا.
وهذا الإطلاق من الإمام يقتضي: أنه لا فرق في إجراء الخلاف في حق من ذكره [بين] أن يكون في البلد أو خارجاً عنها، ولا جرم حكاه في "الوسيط" في المنفرد في بيته، أو في سفر، إذا لم يبلغه نداء المؤذنين، وقال: إذا قلنا: لا يؤذن، فهل يقيم؟ فيه وجهان قدمنا مثلهما.
وفي "التتمة" التصريح بحكاية القولين فيما إذا كان المصلي في البلد، وهو قضية كلام ابن الصباغ، حيث قال: قال الشافعي في "الأم": يؤذن سواء صلى منفرداً أو في جماعة، وأنا عليه في المساجد العظام أشد استحباباً.
وقال في القديم: وأما الرجل يصلي وحده في المصر، فأذان المؤذنين وإقامتهم كافية له. فظاهر ذلك قولان.
قلت: والقول القديم مصرح بأن الإقامة كالأذان، ووجهه المتولي: بأن أهل الجماعة لا يسن لكل [واحد] منهم الأذان والإقامة، بل [يكتفي] بأذان واحد منهم، وكذا في حق أهل البلد يكتفي بأذان المؤذنين، وجزم القول بأن المنفرد في صحراء أو طريق، إذا أراد أن يصلي، استحب له أن يؤذن، وهو ما أورده البندنيجي والقاضي الحسين؛ لما روي أنه- عليه السلام- قال:"إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ، فَإِنْ صَلَّى بِغَيْرِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، صَلَّى وَحْدَهُ، وَإِنْ صَلَّى وَأَقَامَ، صَلَّى مَعَهُ مَلَكَاهُ، وَإِنْ صَلَّى بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، صَلَّى مَعَهُ صَفٌّ مِنَ المَلَائِكَةِ: أَوَّلُهُ بِالمَشْرِقِ، وَآخِرُهُ بِالمَغْرِبِ".