للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكرناه من قبل. ولو شهد عليه أنه نطق بكلمة الردة من غير أن تتعرض البينة لأنه ارتد، فقال: صدقا ولكني كنت مكرهاً – فالذي حكى عن الشيخ أبي محمد وتوبع عليه: أنه لا يقتل؛ لأنه ليس فيه تكذيب البينة، بخلاف ما إذا شهدت بالردة، فإن الإكراه ينافي الردة ولا ينافي التلفظ بكلمة الردة، وعلى هذا يجب عليه أن يجدد كلمة الإسلام، فلو قتل قبل التجديد ودعوى الإكراه أو الحلف عليه، فهل يكون قتله مضموناً أم لا؟ فيه قولان، ولو قتل بعد دعوى الإكراه والحلف عليه، قال الإمام: فيقطع بأنه مضمون.

وأعلم أن الشهادة بالردة عند الماوردي لا تقبل إلا مفسرة كالجرح؛ لاختلاف الناس في أسباب التكفير، ورأى الإمام تخريج ذلك على الخلاف في أن الشهادة على البيع وسائر العقود، هل تسمع مطلقة، أم يجب التفصيل والتعرض للشرائط؟ قال الرافعي: والظاهر قبول الشهادة المطلقة والقضاء بها.

قلت: ولو رتب الخلاف في هذه الشهادة على القولين اللذين حكاهما الأصحاب فيما إذا أقر مسلم أن أباه مات كافراً، وأنه لا يرث منه، ولم يفسر بماذا كفر، بل أطلق هذا القول – لكان أولى؛ لأن الإقرار المطلق يحتمل فيه ما لا يحتمل في الشهادة المطلقة، وأحد القولين في مسألة الإقرار: أنه لا يقبل ويرثه؛ لأنه ربما يعتقد تكفير أهل البدع، والثاني: لا يرثه؛ لأنه أقر بكفره.

وفي "الرافعي" وجه جعله [الأظهر]: أنه يستفصَل، فإن فصل وذكر ما هو كفر صرف المال إلى الفيء، وإن ذكر في التفسير ما ليس بكفر صرف [المال] إليه.

فرع: إذا ارتد الأسير في يد الكفار ولم نحكم بردته، فقال أحد وارثيه: مات مرتداًّ، وقال الآخر: بل مات مسلماً – سلم للذي [ادعى] موته على الإسلام نصيبه، وفي نصيب الآخر قولان نص عليهما في "المرتد الكبير" كما حكاه البندنيجي:

أحدهما: يوقف حتى يُستبان أمره.

<<  <  ج: ص:  >  >>