أحدهما: أن إظهار الإسلام في دار الحرب إنما يكون في الصلاة؛ فإنه لا يمكنه إظهار الشهادتين بينهم، بخلاف دار الإسلام.
والثاني: أن صلاته في دار الإسلام تحتمل أن تكون تقية، وفي دار الحرب لا يحتاج إلى اتقاء المسلمين، وهذا ما حكاه القاضي أبو الطيب وابن الصباغ عن النص.
وقال البندنيجي: إنه منصوص عليه في كتاب "المرتد [الكبير] ".
والماوردي: إنه في "الأم" ثم قال: وفيه نظر؛ لأنه لو صارت الصلاة إسلاماً للمرتد لصارت إسلاماً للحربي. و [على] هذا جرى الإمام حيث حكى عن العراقيين ما ذكرناه، واستبعده، ثم قال: والوجه في قياس المراوزة القطع بأنه لا يحكم بإسلامه في دار الحرب، كما لو صلى فيها الكافر الأصلي. وهذا منهما دليل على أن الحربي لا يحكم بإسلامه بصلاته في دار الحرب، وبالغ الإمام في ذلك فقال: لو حكم به حاكم كان صائراً إلى مذهب أبي حنيفة.
وفي "الرافعي": أن صاحب "البيان" سوى بين الكافر الأصلي والمرتد فيما ذكرناه، وهذا يدفع الإلزام ثم قال: ويمكن أن نفرق بينهما بأن المرتد كان مسلماً، وعلقة الإسلام باقية فيه، وهو محمول على العود إليه، والعود إلى ما كان أهونُ من افتتاح أمر لم يكن؛ فجاز أن يجعل الشيء عوداً إلى الإسلام ولا يجعل افتتاحاً.
ثم إيراد الشيخ في "المهذب" يفهم تخصيص ما ذكرناه من إسلام المرتد، بما إذا كان قد ارتد إلى دين لا تأويل لأهله، ولم أره في غيره.
ولا يحصل الإسلام بإنكار الردة بعد الشهادة عليه بأنه ارتد بكذا، سواء كان في دار الإسلام أو دار الحرب، بخلاف ما لو شهد عليه بأنه أقر بالزنى، فأنكر - جعل [ذلك] رجوعاً، [وسقط] عنه الحد. نعم، لو ادعى أنه قال ذلك مكرهاً، ودلت شواهد الحال على صدقه - قبل قوله، وإلا [فلا] يُقبل كما