وأما [ما] تعاطى سبب إيجابه بعد الردة فينظر: فإن كان تصرفاً جائزاً كان كالديون اللازمة قبلها، وإن كان تصرفاً مردوداً لم يستحق، وفي أرش الجنايات على الأنفس والأموال وجهان:
ظاهر المذهب منهما في "تعليق" البندنيجي و"الحاوي": أنها تقضي من ماله.
والثاني: أنها لا تقضي؛ بناء على أن ملكه قد زال بالردة، وهذا ما أبداه القاضي الحسين احتمالاً مخرجاً على مذهب الإصطخري [في أنه لا تجب نفقة القريب في ماله على هذا القول، وقد [حكى أن الإصطخري] وأبا الطيب بن سلمة قالا به، وهو المختار في "المرشد"، وقد قيل: إن الإصطخري] طرده في قضاء الديون السابقة على الردة.
فروع: إذا كانت الديون مؤجلة ولم يمت بعد فهل تحل بردته؟
قال الأصحاب: ذلك ينبني على زوال ملكه، فإن قلنا ببقائه فلا، وإن قلنا بزواله فنعم، وإن قلنا بقول الوقف: فإن أسلم تبَيّنا عدم حلولها، وإلا تبينا حلولها.
ولو كان قد استولد جارية، أو دبَّر مملوكه فلا يعتق على الأقوال كلها؛ لأن عتق المستولدة يتعلق بالإياس من الاستفراش، ولم يوجد، والمدبر تعلق عتقه بالموت لفظاً ولم يوجد، نعم لو مات أو قتل عتقت المستولدة على الأقوال كلها؛ [لأنها] لا تقبل التصرف ونقل الملك، وأما المدبر فإن قلنا بزوال ملكه أو بقول الوقف فلا يعتق، وإلا كان كما لو دبر من لا وارث له عبداً ثم ماتن ولو استولد المرتد أمته في حال ردته: فإن أثبتنا له الملك نفذ، وإلا فلا ينفذ، فإن أسلم فقولان كما لو استولد المشتري الجارية المشتراة في زمن الخيار، وقلنا: الملك للبائع، فتم البيع.
قال: فإن أقام وارثه بينة – أنه صلى بعد الردة، أي التي حكمنا بصحتها منه، فإن كانت الصلاة في دار الإسلام لم يحكم بإسلامه، وإن كانت في دار الحرب حكم بإسلامه.