قلت: ولا شك أن [هذا] الوجه يجري في الصورتين السابقتين من طريق الأولى.
ولا يجوز استرقاق [من باشر الردة بنفسه بحال، كما لا يجوز استرقاق] أهل البغي، وهذا من الأحكام التي اتفق المرتدون والبغاة فيها، وإن اختلفوا في أمور، [منها: قتلهم] مدبرين، وجواز التذفيف على جريحهم، [وقتل أسيرهم]، ورميهم بالنار ونحوها، والاستعانة عليهم بالكفار، وعدم إمهالهم مدة إذا استمهلوا لغلظ كفرهم، وكذلك قال الأصحاب: إذا امتنع المرتدون بالحرابة بدأنا بقتالاهم قبل قتال أهل الحرب، ولأنهم أهدى إلى عورات المسلمين.
وقد نجز ما في الباب من المسائل، وآن الوفاء بما وعدنا بذكره:
قال المتولي: إذا قال المسلم لمسلم: يا كافر – بلا تأويل – كفر؛ لأنه سمي الإسلام كفراً، وكذا لو سأله كافر يريد الإسلام أن يلقنه الشهادة، فلم يفعل، أو أشار عليه بألا يسلم، أو على مسلم بأن يرتد – فهو كافر؛ للرضا بالكفر، بخلاف ما لو قال للكافر: لا رزقه الله الإيمان، أو لمسلم: سلبه الله الإيمان؛ لأنه ليس رضا بالكفر، لكنه دعا عليه بتشديد العقوبة.
وفي "فتاوى" القاضي الحسين وجهان في كفره بالدعاء بالكفر، وكذا فيما إذا أكره مسلماً على الكفر في أنه هل يكفر بذلك أم لا؟ والمتولي جزم بكفره، بخلاف المكره على الإسلام، إنه لا يكون مسلماً به، وقال: إن العزم على الكفر في المستقبل كفر في الحال، وكذا التردد في أنه [هل] يكفر أم لا؟ والتعليق بأمر في المستقبل، كما إذا قال: إن هلك مالي أو مات ولدي تهودت أو تنصرت –كفر. وإن من اعتقد قدم العالم أو حدوث الصانع، أو نَفَى ما هو ثابت للقديم بالإجماع ككونه عالماً وقادراً، أو أثبت ما هو منتف عنه بالإجماع كالألوان، أو أثبت له الاتصال والانفصال – كان كافراً، وكذا من أنكر جواز بعثة الرسل، أو نبوة نبي من الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – أو كَذَّبه، أو جحد آية من القرآ،