للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وفي استرقاق هذا الولد قولان –أي: على قولنا إنه كافر – وهما ينبنيان على أن كفره ككفر أبيه أو هو كفر أصلي.

فعلى الأول: لا يسترق كما لا يسترق أبواه؛ [لبقاء عُلْقة] الإسلام فيهما، وهذا أصح عند القاضي الحسين، فعلى هذا يستتاب بعد البلوغ، فإن تاب وألا قتل، وحكم أولاد هذا الولد حكمه.

وعلى الثاني: يسترق؛ لأنه كار لا أمان له، ولم يثبت له حكم الإيمان بنفسه؛ فهو كأولاد أهل الحرب، وعلى هذا يجوز المن عليه والفداء به.

قال الماوردي وأبو الطيب وابن الصباغ وغيرهم: ولا يجوز أن يقره الإمام بالجزية؛ لأنه دخل في الكفر بعد نزول القرآن.

وقال الإمام: يجوز عقد الجزية معه إذا بلغ، وهو كالكافر الأصلي في كل معنى. وهذا قد حكاه في باب عقد الذمة وجهاً، وقال: إنه لا أصل له، وإن المذهب: أنها لا تعقد له، وأنا إذا قلنا بعقدها ففي حل المناكحة والذبيحة تردد، وأن الوجه: القطع بالتحريم.

وأما إذا علقت منه مسلمة وطئها بشبهة نكاح أو غيره، فولده منها مسلم، قال الرافعي: بلا خلاف.

وكذلك لو ارتد الأبوان بعد العلوق فهو مسلم، ومن طريق الأولى إذا ارتدا أو أحدهما بعد انفصاله وقبل البلوغ أن نحكم بإسلامه، ولا يتبع أحدهما في الكفر وإن تبعه في الإسلام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " [الإِسْلامُ] يَعْلُو، وَلا يُعْلَى".

ولو بلغ هذا الولد بعد ارتداد أبيه وأعرب بالكفر، قال البندنيجي: فالمنصوص أنه مرتد، ومن أصحابنا من قال: يقر على كفره. وهذا [ما] حكاه في "المهذب" قولاً عن تخريج ابن سريج؛ متمسكاً فيه بقول الشافعي – رضي الله عنه-: لو بلغ فقتله قاتل قبل أن يصف الإسلام لم يجب عليه القود. قال الماوردي: وهذا التخريج سهو منه إلا أن يكون قاله مذهباً لنسه، فيفسد بما ذكرناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>