قالت عائشة- رضي الله عنها-: هم المؤذنون. وروى أبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإِمَامُ ضَامِنٌ، وَالمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ، اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الأَئِمَّة، وَاغْفِر للمُؤْذِّنِينَ" والأمانة أعلى من الضمان، والمغفرة أعلى من الإرشاد.
قال بعضهم: ووصف المؤذن بالأمانة؛ للاعتماد عليه في المواقيت والإطلاع على الحريم، والأئمة بالضمان؛ لتحملهم سهو المأموم والقيام والقراءة عن المسبوق.
وقد روى مسلم أنه- عليه السلام- قال:"المُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ أَعْنَاقاً يَوْمَ القِيَامَةِ"، وفي معنى طول أعناقهم أقوال:
أحدها: أنهم أكثر الناس رجاء؛ لأن الراجي لشيء يتشوف إليه ويمد عنقه، والخائف يخنس.
والثاني: أنهم أكثر الناس أعمالاً، يقال: لفلان عنق من الخير، أي: قطعة؛ قاله ابن الأعرابي.
والثالث: أنهم أقرب إلى الله.
والرابع: أنهم لا يلحقهم العرق؛ فإن العرق يأخذ الناس على قدر أعمالهم.
والخامس: أنهم يكونون رُءوساً في ذلك اليوم، والعرب تصف السادة بطول العنق.
والسادس: أنهم أكثر الناس جماعات، يقال: جاء عنق من الناس، أي: جماعة ومنه قوله- تعالى-: {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا ..} الآية [الشعراء: ٣] أي: جماعاتهم؛ ولذلك لم يقل: خاضعات.