وعلى هذا ما المراد بالجماعة الكبيرة؟ قيل: الذين يشفعون فيهم، وقيل: المصلون بأذانهم.
وقد روي:"إعناقاً" بالكسر، أي: هم أكثر إسراعاً إلى الجنة؛ قاله البغوي.
وما ذكره الشيخ، قد حكاه القاضي أبو الطيب والمراوزة وجهاً في المسألة، مع وجه آخر: أن الإمامة أفضل [منه]، وقال القاضي أبو الطيب والغزالي: إنه الصحيح وكذا الرافعي، وقال: إنه ذهب إليه صاحب "التقريب" والقفال والشيخ أبو محمد وغيرهم، ورجحه القاضي الروياني- أيضاً- وحكاه عن نص الشافعي- رضي الله عنه- في كتاب "الإمامة"، وعلله بأن الإمامة أشق، والقاضي أبو الطيب، ووجهه بأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين واظبوا عليها، وهو دليل الأفضلية، ولأن الغرض من الأذان الاستحثاث على الجماعة، [والإمامة] عين القيام بعقد الجماعة، والقيام بالشيء أولى من الدعاء إليه، وقول عائشة- رضي الله عنها- في تفسير الآية معارض بقول ابن عباس: إن المراد فيها أنصاره وأصحابه. وكأنه الصحيح؛ لأن السورة من آخر ما نزل بمكة، والأذان إنما ترتب بالمدينة؛ كما ذكرنا.
وقوله- عليه السلام-: "الأَئِمَّةُ ضُمَنَاءُ" تنبيه على خطر الإمامة، ويشعر بعلو قدرها مع الحث على التوقي من الغرر ولا يقال: إنه عليه السلام- إنما امتنع من الأذان؛ لأنه لو قال:"أشهد أن محمداً رسول الله"، لأوهم أن محمداً غيره، ولو قال:"أشهد أني رسول الله"، لغير نظم الأذان، ولأنه دعاء وإجابته- عليه السلام-