القاضي أبو الطيب: إنه لا يختلف المذهب فيه. وإن قلنا: غنه قد ملكن ففي نفوذه في الحال في حصته إذا كان موسراً وجهان؛ كالوجهين في نفوذ الاستيلاد المشترى في زمن الخيار على قولنا: إن الملك له؛ لأنه ملك ضعيف، وهذه الطريقة رواها صاحب "التقريب".
وقيل: إن قلنا: إنه يملك نفذ، وألا فقولان كالقولين في استيلاد الأب جارية ابنه، وضعف الإمام هذه الطريقة.
ويخرجه من الطريقين عند الاختصار قولان أو وجهان:
أحدهما: نفوذه مطلقاً، وهو الذي أورده القاضي الحسين، سواء كان الغانمون محصورين أو لا، قال: لأنا نتيقن أن له شركاً فيها. وهذا بناه على الصحيح في أن السراية تحصل مع اليسار بنفس الاستيلاد لا بدفع القيمة.
وقد نسب المنع إلى ابن أبي هريرة، وهو المذكور في أكثر الكتب، وكذلك في "الحاوي" في حالة عدم انحصار الغنيمة، وقال فيما إذا كانوا محصورين: إنه ينظر: فإن لم يكن في الغنيمة سواها قطعنا بنفوذه، وإن كان ثمة غيرها ففي نفوذه وجهان؛ بناء على الوجهين في سقوط مهرها إذا انحصر عددهم، وفي المغنم غيرها.
وعلى وجه المنع، فالفرق بينه وبين ما إذا لم يكن ثم غيرها: أنه إذا كان ثم غيرها احتمل أن يجعل الإمام الجارية لغيره؛ فإنَّ له أن يقسم الغنيمة قسمةَ تحكمٍ لا قسمة مراضاة، بخلاف ما إذا لم يكن ثم غيرها.
وقد أشرنا إلى أن محل ما ذكرناه إذا كان الواطئ موسراً بقيمة ما يخص الغانمين من الجارية، فلو كان معسراً، فإن كان الجند محصورين فالحكم في نفوذه في حصته كما تقدم، ولا يسري الاستيلاد إن نفذناه إلى باقيها، وهكذا الحكم فيما إذا كانت حصته من باقي الغنيمة تفي بقيمة ما بقي من الجارية، ورُدَّ، قال الإمام: ولا نقول: إن حق السراية يلزمه اختيار التملك؛ فإن الاختيار بمثابة ابتداء الاكتساب.
ولو كان عدد الغانمين غير محصور، ففي "تعليق" القاضي الحسين: أنها لا تصير أم ولد؛ لأن نصيبه منها على قول الملك مجهول، والحكم بانعقاد أمومة غير معلومة لا معنى له.