للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها – وهو اختيار المزني -: أنهم يجبرون على أداء الحزية؛ لأنهم التزموا ذلك بعقد [الذمة]؛ فلا حاجة إلى تركه إليهم، ويلحقهم بدار الحرب فيزيدوا في أعدائنا.

والثاني: أنه يقال لهم: إما أن تعطلوا، وإلا سبيناكم الآن ونقتلكم، وصار امتناعكم من بذل الجزية نقصا لأمانكم.

والثالث – وهو أشبه مذهب الشافعي – رضي الله عنه – وهو المنصوص: أنه لا يجبر على الجزية، ولا يسترق في الحال، ولكن ينبذ إليه عهده، ويلحقه بمأمنه.

الثاني: حكى صاحب "التهذيب" وجها: أنه يقنع منهم بالدينار إذا امتنعوا من بذل الزيادة عليه، وكانوا جاهلين بأن الزيادة على الدينار [لا] تلزمهم.

الثالث: حكى ابن كج قولين فيما إذا امتنعوا من إجراء الأحكام عليهم في انتقاض العهد.

وقال الإمام: إن امتنع هاربا فلا أراه ناقضا، وإن امتنع راكبا في عدة وقوة فينبغي أن يدعى إلى الإسلام، فإن نصب القتال انتقض عهده بالقتال.

الرابع: حكى الإمام عن القاضي الحسين حصر الانتقاض في نصب القتال.

[ثم] قال الإمام: ولست أبعد أن الأولين ذكروا القتال، وعدوا منع الجزية من أسبابه، وعبروا بالامتناع عن القتال، وإذا كان كذلك آل الأمر إلى أن الناقض بنفسه وذاته القتال؛ فإنه مناف للأمان.

قلت: وعلى ذلك ينطبق ما حكاه [القاضي] أبو الطيب وابن الضباغ فيما إذا امتنعوا من الضيافة، وقد التزموا زيادتها فوق الدينار، فإن كان الامتناع من البعض أجبر عليه، وإن [كان من] الجميع قوتلوا، فإذا قاتلوا انتقض

<<  <  ج: ص:  >  >>