للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥]، وجعل غاية أمرهم الإسلام بقوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا} [التوبة: ١١] ثم إنه أمر بقتلهم حتى يعطلوا الجزية إن لم يسلموا بقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} الآية [التوبة: ٢٩]. ثم إن الله أذن في الأشهر الأربعة بغير جزية بقوله تعالى: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ} [التوبة: ٢] بعد قوله {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: ١]، ثم استثنى بعده بآيات فقال: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٤]، فاتبع إذنه، وبقينا فيما [زاد على ذلك] على موجب القتال.

وحكى الفوراني قولا أنه يجوز سنة فما فوقها إلى ما دون السنتين، ووجهه بأن الكافر قد يكون له أشغال لا تحصل إلا في فصول السنة الأربعة، وما لم تكن المدة سنتين، ولم تدخل في حد التكرار فإنها تكون قصير، قال الإمام: وهو غلط، ولم أره لأحد من الأصحاب.

قال: وفيما بينهما قولان:

وجه المنع – وهو الذي نص عليه هاهنا وفي الجزية من [كتاب] "الأم"، واختاره الغزالي والرافعي والنواوي وصاحب "المرشد" -: ما تقدم.

ووجه الجواز: أنها مدة قاصرة عن مدة الجزية؛ فجاز أن يؤمن فيها بغير عوض، أصله: الأشهر الأربعة، وهذا ما نص عليه في "سير" الواقدي، وحكى صاحب "البحر" عن أبي إسحاق القطع به.

وفي "الرافعي": أن بانين بنوا القولين على أنه إذا مات في أثناء السنة هل يجب قسط ما مضى أم لا؟ فإنا قلنا: يجب، لم يجز، وإلا جاز، والصحيح عدم البناء.

وهذا كله بالنسبة إلى نفوس المعقود معهم، أما أموالهم فيجوز أن يعقد لها مؤبدا، وهل يجوز كذلك في الذرية؟ فيه وجهان، قاله الماوردي في السير.

قال: وإن لم يكن مستظهرا، أو كان [مستظهرا] ولكن يلزمه في غزوهم مشقة لبعدهم – جاز أن يهادنهم عشر سنين، أي: عند الحاجة؛ لما تقدم من

<<  <  ج: ص:  >  >>