وفي بطلانه في المدة المشروعة طريقان حكاهما الفوراني والبغوي وغيرهما:
أحدهما: طرد قولي تفريق الصفقة فيه، ولم يورد البندنيجي وابن الصباغ وكذا الماوردي في هذا الباب سواه، وكذلك الغزالي، وقال الرافعي: إنه الأظهر.
والثاني: القطع بالصحة، وعليه – كما قال القاضي الحسين – الأكثرون، وهو الذي رجحه في كتاب السير وضعف الأول، والفرق: أن البيوع تنزه عن الخطر والغرر، ويحتاج فيها عند فساد البيع إلى توزيع [الثمن]، وذلك يجر غررا وجهالة، والعقد مع المشركين لا يبطل بالغرر.
وأيضا: فإنه لو دهانهم إلى غير مدة على أنه متى بدا له نقض العهد نقضه جاز، ولو باغ بما شاء لم يجز.
تنبيه:[في قول الشيخ]: وإن رأى في عقدها مصلحة [جاز أن يعقد، ما يفهم أمرين:
أحدهما: أنه إذا لم يكن في عقدها مصلحة]، بأن كان في المسلمين قوة وبهم ضعف، وإذا هادنهم قويت شوكتهم – أنه لا يجوز، وقد صرح به الماوردي والبندنيجي وغيرهما.
الثاني: أن العقد لا يجب وإن طلبوه في حالة المصلحة، وهو الصحيح عند أئمة المذهب، لكن على الإمام أن يجتهد ويحافظ على الأصلح من الإجابة والترك.
قال الإمام: وما يتعلق باجتهاد الإمام لا يعد من الواجب، وإن كان يتعين عليه رعاية الأصلح كالخصال المشروعة في حق الأسير، وفيه وجه حكاه الرافعي: أنهم إذا طلبوا وجب إجابتهم إذا لم يكن فيها مضرة كما في عقد الذمة، ونسبه الإمام إلى رواية بعض المصنفين، وقد رأيته في "الإنابة"، لكن بشرط أن يرى الإمام العقد مصلحة بأن رجا إسلام الداخل عند سماع كلام الله تعالى. وبين العبارتين فرق، على أن في عقد الذمة وجها حكاه الفوراني والطبري أيضا: أنه لا يجب عند الطلب والمصلحة، وقد قامت حكايته في قتال المشركين، والوجهان ضعيفان.