قال وإن هادن، أي: من غير تعيين مدة، على أن [له] الخيار في الفسخ متى شاء – جاز؛ لأن النبي وادع يهود خيبر، وقال:"أقركم [على] ما أقركم الله"، ولو عقد الإمام العهد على النعت الذي عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو قال: ما شاء الله – لم يصح؛ لأنه – عليه السلام – يعلم ما عند الله بالوحي وغيره بخلاف غيره، ولو قال: هادنتكم ما شاء فلان، وهو مسلم عدل ذو رأي – جاز، فإذا نقضها انتقضت، كذا قاله الرافعي.
واشترط في "الحاوي" في المفوض إليه: أن يكو أهلا للاجتهاد في أحكام الدين، فلو فقد [ذلك] لم يصح التفويض، وقال: إن له الاستدامة، وأما النقض فينظر [فيه]: فإن كان المفوض إليه من ولاة الجهاد لم يحتج في النقض إلى إذن الإمام، وإلا فلا ينفذ إلا بإذن الإمام، وحينئذ فإن وافق رأيه رأي الإمام فعل، وإن اختلفا فإن رأي الإمام البقاء اتبع، وإن كان رأيه النقض: فإن كان لعذر غلب نظر الإمام، وإن كان لغير عذر غلب نظر المفوض إليه.
فرع: لو أطلق عقد الهدنة كان العقد فاسدا؛ لأن الإطلاق يقتضي التأبيد، جزم به القاضي أبو الطيب والماوردي والبندنيجي وغيرها، وفي "الإبانة" الجزم بأنه يصح عند الضعف وينزل على عشر سنين، وحكى الإمام ذلك عن صاحب "التقريب"، وأن في بعض التصانيف في إطلاق العقد في حال القوة قولين:
أحدهما: يحمل على أربعة أشهر؛ تنزيلا على الأقل.
والثاني: على سنة؛ تنزيلا على الأكثر.
[والحالان مذكوران] في "التهذيب" على هذا النحو، واعترض الإمام فقال: القول بتصحيح الهدنة عند القوة سنة غلط، وإن صح فالعقد لا يختص بأربعة أشهر ولا بالسنة؛ [فإنه قد يعقد][على عشرة أشهر]؛ معنى لتنزيلها على أربعة أو على سنة، وكذلك القول [في تصحيح] العقد على عشر سنين، فالوجه: القطع بالفساد.