للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أنه كما يجوز عقد الهدنة بغير شيء يؤخذ منهم، [يجوز بشيء يؤخذ منهم]، بل هو المتعين عند القدرة عليه كما قاله الماوردي، ولا يجوز أن يعقد على مال يؤديه لهم إلا لضرورة بأن يحيط الكفار بالمسلمين ويخافوا اصطلامهم، سواء كانوا في حصن أو في بلد أو في الصف؛ كما يجوز أن يفدى الأسير الذي في أيديهم إذا خلف [على نفسه]، أو كانوا يستذلونه بعذاب أو امتهان، لكن هل يجب البذل في هذه الحالة؟ فيه وجهان مبنيان على الخلاف في وجوب دفع الصائل، قاله أبو الطيب وابن الصباغ، وقال الرافعي في آخر كتاب السير: إن فداء الأسير محبوب، ولم يحك ثم سواه.

ثم المال الذي يأخذونه ما حكمه؟

أطلق البندنيجي والماوردي وأبو الطيب والمصنف أنه كالأموال التي يغنمونها منا.

وحكى القاضي الحسين: أنه إذا فادى أسيرا على مال، ثم أسلم ذلك المشرك الذي أخذ الفداء، أو أظهر المسلمون على الدار، ووجدوا ذلك الفداء بعينه – فهل يرد على من فادى أم لا؟ فيه وجهان حكاهما الرافعي – أيضا – في آخر السير:

وجه المنع: أنه أعطى متطوعا به فملكوه؛ كما في ثمن المبيع.

وعلى مقابله: لو وجد المال مع مستأمن، قال الماوردي: نظر، فإن كان سبب تملكه باقيا لم يسترجع منه، وأعيد إلى مستحقه، ولم يتعرض عليه في غيره من أمواله؛ لأمانة، ولو أطلقوا الأسير على أن يحمل إليهم شيئا لا يجب عليه الوفاء. نعم، قال الشافعي – رضي الله عنه -: يستحب له الوفاء به؛ كي لا يرغبوا عن إطلاق الأسارى، كذا حكاه أبو الطيب وابن الصباغ والماوردي والقاضي الحسين والبغوي، والإمام قال: إنه رآه في "تعليقه" عن الإمام، [ثم قال]: وحكى الشافعي – رضي الله عنه – عن بعض السلف أنه يجب عليه أحد

<<  <  ج: ص:  >  >>