ولو قصد أهل الحرب المعاهدين، وأخذوا أموالهم، فقصدهم الإمام، وظفر بهم، [واسترجع] أموال [أهل] العهد – ردها عليهم؛ كذا أخذه الأصحاب من قول الشافعي – رضي الله عنه – في كتاب الجزية، [كما قاله] القاضي أبو الطيب؛ ولهذا لا يجوز للمسلمين أن يشتروا من أهل الحرب ذلك المال، فإن اشتروه وجب رده على أهل الهدنة، وأراد الأصحاب [بما ذكروه] من هذا الحكم التنبيه على أنا وإن لم نمنعهم من أهل الحرب لا نجلهم بالنسبة إليهم أهل حرب؛ [فإنه لو كان كذلك لم يجب رد المأخوذ إليهم، بل يكون غنيمة؛ فإن بعض أهل الحرب] إذا قهر بعضا على مال ملكه، كما صرح به الرافعي في كتاب السير عند الكلام فيما إذا كان [على] المسبي دين، وهو قضية ما حكيناه من ملكه نفس المقهور في آخر باب قتال المشركين، لكن لك أن تقول: قد حكى القاضي أبو الطيب – أيضا – أن الأمة منهم إذا جاءت إلينا مسلمة صارت حرة؛ لأنها غلبت مولاها على نفسها [فملكت] نفسها بالقهر والغلبة، [وعتقت]؛ كما يملك العبد الحربي سيده بالقهر والغلبة. وهذا يدل على أنهم كأهل الحرب بالنسبة إلى بعضهم مع بعض؛ فأولى أن يكونوا كذلك بالنسبة إلى أهل الحرب، والله أعلم.
قال: وإن جاء منهم مسلم لم يجب رده إليهم، أي: وإن شرط في العقد؛ لأنه لا يجوز إجبار المسلم على انتقاله من بلد إلى بلد في دار الإسلام، فلألا لا يجبر على الرجوع إلى دار الحرب أولى. نعم، في حال الشرط ينظر: إن شرط رد المستضعفين [فيهم، وهم الذين لو أسلموا في دار الحرب لوجبت