وعن الثاني: بأن عمر – رضي الله عنه – يحتمل أن يكون وقف المزارع دون المساكن والمنازل؛ فتكون المساجد والسقايات فيما لم يدخل في الوقف، ويحتمل أن يكون [قد] وقف الكل، لكنه على مصالح المسلمين، وهذا من مصالحهم.
قال البندنيجي: وصار هذا كما نقول فيمن وقف قرية [على قوم] كان لهم إحداث هذا فيها كذلك هاهنا.
وقد حكى الماوردي وجهين في أن المنازل التي كانت موجودة قبل الفتح هل دخلت في الوقف أم لا؟ وعلى ذلك جرى في "المهذب"، واختار في "المرشد" الثاني، وكذلك الرافعي، وهو المحكي عن إيراد الروياني في جمع الجوامع.
وعن الثالث: أن الأصحاب اختلفوا في جواز استباحة الثمار الحاصلة من الأشجار، فعلى قول: المنع – وهو الأصح عند الروياني وغيره، [كما حكاه الرافعي] اندفع السؤال، ويجب على الإمام أن يأخذها ويصرف ثمنها في مصالح المسلمين.
ومن جوز ذلك – وهو ما اختاره في "المرشد" – تمسك بأمرين:
أحدهما: الضرورة الداعية لذلك؛ ألا ترى [أن] في المساقاة نجعل للعامل جزءا من الثمرة وإن كان مجهولا، كذلك هنا [مثله].
والثاني: ما ذكرناه من أن العقد إذا تعلق بالمشركين تسومح فيه.
ووراء ما ذكرناه أمران [آخران]:
أحدهما: حكى الرافعي عن القاضي أبي حامد أن لابن سريج عبارة أخرى
تخرج الخراج [عن] أن يكون ثمنا مع تجويز البيع، فقال: عمر – رضي
الله عنه – وقفها [لا وقفا] محرما مؤبدا، ولكن جعلها موقوفة على