فرع: هل [يجوز] على هذا لمن في يده شيء منها إجارته مدة مؤبدة بمال يتراضون عليه كما فعل عمر، رضي الله عنه؟ فيه تردد حكاه الإمام عن الأصحاب، والأصح: المنع، مع القطع بجواز الإجارة فيه مدة مؤقتة.
ولا يجوز لمن تلقى شيئا منها عن آبائه وأجداده أن ينتزع منه؛ لأنها [إجارة لازمة صدرت من عمر، رضي الله عنه.
قال: وقيل: إنها مملوكة] من زمن عمر – رضي الله عنه – إلى وقتنا هذا، [تباع وتوهب وتورث]، وما أنكر ذلك منكر ولا رده راد، فكان إجماعا، ولأنها لو كانت وقفا لما جاز إحداث المساجد [فيها] والمقابر والسقايات كما في غيرها من الأوقاف.
قال: وما يؤخذ منها باسم الخراج ثمن؛ لأن المضروب لو كان خراجا لما استباحوا ثمار تلك الأشجار؛ لأن مستأجر الأرض لا يستبيح بالعقد الأعيان [التي في الأرض]، وإنما [يستبيح] المنافع منها؛ فدل على أن المضروب باسم الخراج ثمن.
قال البندنيجي: وعلى هذا إذا باع من في يده شيء منها اقتضى العقد ثمنين:
أحدهما: المسمى في [هذا] العقد.
والثاني: المقدر الشرعي الذي سنذكره.
فيكون كأنه باعه بثمن حال ومنجم، وهذا قول ابن سريج وأبي إسحاق المرزوي وبعض البغداديين من أصحابنا، كما حكاه الماوردي في كتاب الرهن.
والقائلون بالأول أجابوا عن الأول بما ذكرناه من إنكار عمر – رضي الله عنه – وبأن هذه [المسألة] مسألة خلاف، وهي مجتهد فيها؛ فلا يتوجه فيها الإنكار.