والذي رأيته في "البحر" في الفروع المذكورة، بعد كتاب الأقضية: أنه إذا زنى بامرأة وعنده: أنه ليس ببالغ، فبان أنه كان بالغا: هل يلزمه الحد؟ فيه وجهان.
واحترز بالاختيار عن [ذكر] المكره؛ فإن لا يجب عليه الحد، فرق بين الرجل والمرأة، وهو بناء على تصور الإكراه في حق الرجل، وهو الصحيح، كما هو متصور في حق المرأة بلا خلاف، بأن تضبط وتجامع.
وقيل:[إن] الإكراه لا يتصور في حق الرجل؛ لأن انتشار الذكر متعلق بالاختيار، فعلى هذا: يجب عليه الحد.
وقد أفهم عدول الشيخ عن لفظ "الكافر" إلى "الذمي": أن المراد بالذكر: من يجب عليه الحد، ويقام عليه، وإلا فأهل الحرب يجب عليهم حد الزنى؛ لاعتقادهم تحريمه.
وقد تقدم في باب عقد الذمة [أن إقامة حد الزنى على أهل الذمة] هل هو مبني على وجوب الحكم بينهم عند الترافع أو غير مبني؟ فليطلب منه.
واعلم أن ما ذكره الشيخ قد فهم منه فاهمون إيجاب الحد على من زنى وهو جاهل بتحريم الزنى؛ لقرب عهده بالإسلام، أو لكونه نشأ في بادية بعيدة، لزعمهم أنه ليس في كلام الشيخ ما يخرجه، فقالوا: وهو لا يجب [عليه] الحد؛ لما روى أبو داود عن أبي هريرة، في حديث ماعز: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "هل تدري ما الزنى؟ " قال: نعم، أتيت منها حراما [ما] يأتي الرجل من أهله حلالا. فلو لم يكن الجهل مانعا من الحد لم يكن للسؤال فائدة، ولأن الحد يتبع الإثم وهو غير آثم. وهذا متفق عليه.