نعم، اختلف الأصحاب فيما لو وطئ المرتهن الجارية المرهونة بإذن الراهن، وادعى جهله بتحريم [ذلك، في] أنه هل يقبل منه أم لا؟ كما حكاه في "المهذب"، ورجح في "المرشد" القبول؛ لأن معرفة ذلك تحتاج إلى فقه. وقريب منه ما حكاه ابن كج فيما إذا نكح أخته من الرضاع، وادعى أنه يجهل تحريم ذلك؛ فإن في قبول قوله قولين، مع القطع بعدم القبول فيما لو ادعى ذلك في الأخت من النسب.
قلت: وليس الأمر كما فهم، بل كلام الشيخ مخرج للصورة المذكورة أيضا؛ لأنه قال: إذا زنى ... إلى آخره. وقد ذكرنا حد الزنى، وبه يظهر أنه وطء من جهل تحريم الزنى وهو قريب عهد الإسلام، ليس بزنى؛ فلا يكون هو زانيا، والله أعلم.
قال: فإن كان محصنا، أي: في حالة زناه، فحده الرجم، أي: رجلا كان أو امرأة؛ لما روى أبو داود، عن عبد الله بن عباس: أن عمر – يعني: ابن الخطاب، رضي الله عنه – خطب، فقال: إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، فأنزل عليه الكتاب، وكان فيما أنزل عليه آية الرجم، فقرأناها ووعيناها، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا من بعده، وإني خشيت إن طال بالناس الزمان أن يقول قائل: ما نجد آية الرجم في كتاب الله تعالى، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله – تعالى – فالرجم حق على من زنى من الرجال والنساء [إذا كان محصنا، إذا قامت البينة، أو كان حمل أو اعتراف]، وأيم الله، لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله – عز وجل – لكتبتها. وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي مختصرا ومطولا. وقد كان ذلك بمحضر من الصحابة، [ولم ينكره أحد].