وجوبه؛ متمسكا بما رواه مسلم عن [عبادة] بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا: البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم"، وأراد بالثيب: المحصن، يدل عليه ما روى أبو داود والنسائي عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله إلا بإحدى ثلاث: رجل زنى بعد إحصان، فإنه يرجم ... "، ورواية البخاري ومسلم، عن عبد الله – وهو ابن مسعود -: لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث:[الثيب] الزاني ... ".
[والصحيح الأول]، وأجاب أصحابنا عن حديث عبادة بوجهين.
أحدهما: أن الجلد [فيه] مع الرجم منسوخ بما ذكرناه من حديث أبي هريرة؛ لأن ما رواه عبادة هو البيان الأول؛ ولهذا قال: "خذوا عني، [خذوا عني]"، وأبو هريرة إسلامه متأخر؛ فكان ما رواه ناسخا للأول.
والثاني: أنه محمول على ما إذا زنى وهو بكر، فلم يحد حتى زنى وهو محصن.
قال: والمحصن: من وطئ [و] هو في نكاح صحيح.
"الإحصان" و"التحصين" في اللغة: المنع؛ قال الله – تعالى:{لتحصنكم من بأسكم}[الأنبياء: ٨٠]، وقال – تعالى –:{في قرى محصنة}[الحشر: ١٤]، ومنه سمي الحان حصانا؛ لامتناع راكبه، ودرع حصينة؛ لامتناع وصول السلام للابسها.
و [قد] ورد في الشرع بمعنى "الإسلام"، وبمعنى "البلوغ"، وبمعنى "العقل"، وقد قيل كل منها [في قوله – تعالى]: {فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة}[النساء: ٢٥].