أحدها: أن الغرض من الحد الردع والزجر، والنكاح بلا ولي لا يفتقر إلى ذلك؛ لأنه لا غرض فيه يدعو النفس إليه، وليس كذلك [في] النبيذ؛ [فإنه لا طريق إلى استباحته]، والنفس تدعو إليه؛ فلا يمكن الزجر عنه إلا بالحد؛ ألا ترى أنا نحد من اعتقد إباحته، بخلاف النكاح بلا ولي؛ وهذا ما أورده ابن الصباغ.
والثاني – قاله الإمام – أن كل ما يحذر من الخمر فهو في النبيذ موجود، وليس كذلك الزنى.
والثالث – قاله القاضي أبو الطيب في كتاب السير -: أن الوطء في هذا النكاح لا يئول إلى حالة تحرم بالإجماع، وليس كذلك النبيذ؛ فإن له حالة تئول إلى ما يحرم بالإجماع بمعنى حالة السكر؛ فوجب الحد.
قال الإمام: وكان شيخي يحكي عن الصيرفي في ثبوت الحد على الحنفي في النكاح بلا ولي – طرد قياس النص في شرب النبيذ، وحكاه الرافعي عنه، وعن غيره، وعن الشيخ أبي علي: أنه حكى عنه القطع بأنه لا حد عليه.
وقد ذكرت في كتاب النكاح خلافا في وجوب الحد على من وطئ في نكاح المتعة؛ بناء على القول بأن ابن عباس – رضي الله عنه – رجع عن [القول بإباحته]، وقد نسب الغزالي القول بإيجاب الحد فيه على هذا التقدير إلى القديم، وما أرده الشيخ [فهو] بناء على أنه لم يرجع عنه.
فإن قيل: إذا كان خلاف ابن عباس في حل نكاح المتعة شبهة دارئة للحد مع ثبوت تحريمه بالنص؛ فينبغي أن يجعل عطاء في إباحة الجواري شبهة دارئة للحد عمن وطئ جارية الغير بإذنه.
قيل: قد اختلف الأصحاب في ذلك:
فمنهم من رأى ذلك؛ عملا بالأصل المذكور.
ومنهم من أوجب الحد، وهو الصحيح؛ لأنه لم يصح هذا المذهب عن عطاء،