أحدهما: يحد؛ لأن ظاهر الدار الإسلام، فرجح قول المقذوف به؛ وهذا ما صححه النواوي.
والثاني: يعزر، أي: بعد حلف القاذف؛ لأن ما يقوله محتمل، والأصل براءة الذمة من الحد.
وإذا انتفى الحد، ثبت التعزير باعترافه، وهذا ما أجاب به هنا، أما إذا عرف له حال نصرانية، فلا حد عليه. نعم، لو قال: أردت قذفي بعد إسلامي؛ فعليك الحد، وقال: بل أردت [قذفك] قبل إسلامك؛ فلا حد علي - فالذي حكاه الداركي والشيخ أبو حامد فيما إذا كان المخاطب امرأة: أن القول قول المقذوفة، وعلى القاذف الحد؛ لأن قوله:"زنيت" يقتضي القذف [في الحال]، وقوله:"وأنت نصرانية"، يقتضي الإخبار عن تقدم حالها؛ فصار الظاهر مع المقذوفة.
قال الماوردي: والذي أراه: أن القول قول القاذف مع يمينه، ولا حد عليه؛ لأنه لما وصل قوله "زنيت"، بقوله:"وأنت نصرانية" - كان أظهر احتمالية إضافة الزنى إلى النصرانية؛ لكون أحدهما تعلق بالآخر، ولو استوى الاحتمالان لوجب أن يدرأ بالشبهة، وقد وافق ابن الصباغ في الاحتمال المذكور، واستشهد له بأنه لو قال لزوجته: أنت طالق إن دخلت الدار وأنت مسلمة، تعلق الطلاق بدخول الدار في الإسلام. ومثل هذا يظهر جريانه في مسألتنا. ولو علم أنه لم يزل مسلما، وجب على القاذف الحد للقذف، والتعزير؛ لنسبته إلى الكفر.
قال: [وإن قذفه، وقال: قذفته وهو مجنون، فقال: بل قذفني وأنا عاقل، وعرف له حال جنون - فالقول قول القاذف في أظهر القولين؛ لأنه قد ثبت حال جنون، وما يدعيه كل واحد منهما ممكن، والأصل براءة الذمة.