والقول قول المقذوف في الآخر؛ لأن صحته موجودة في الحال، والأصل عدم الجنون في الحالة التي يدعي وجود القذف فيها.
فعلى هذا:[إذا] حلف المقذوف، حد القاذف.
ولا نزاع في أنه إذا لم يعرف له حال جنون، أن القول قول المقذوف؛ كما لو ادعى القاذف أنه قذفه في حال ردته، ولم يعلم له حال ردة؛ فإن القول قول المقذوف. نعم، لو عرفت [له ردة]، وادعى القاف صدور القذف في حال ردته، وقال المقذوف: بل بعد زوالها - فالقول قول القاذف؛ لأن الأصل بقاؤها. صرح به القاضي الحسين، وقياسه: أن يطرد مثله في الجنون. ولو ادعى القاذف صدور القذف في حال الردة المعلومة للمقذوف، وقال المقذوف: بل في الإسلام - فهو نظير مسألة الكتاب، وقد حكى الماوردي فيها وجهين، وبناهما على أنه إذا لم تعرف ردته، فأراد القاذف أن يقيم بينة على ردته، ففي كيفية سماعها قولان:
أحدهما: تشهد بردته، ثم يكون القول قوله مع يمينه.
والثاني: تشهد بأنه قذفه في حال الردة.
ولو ادعى القاذف أن القذف جرى منه وهو مجنون، فقد تقدم الكلام فيه في باب اللعان.
قال: وإن قذف عفيفا، فلم يحد حتى زنى أو وطئ وطئا حراما، أي يزول به إحصانه - لم يحد؛ لأن حد القذف موضوع لإسقاط المعرة عن المقذوف، والمعرة لا تسقط إذا زنى أو وطئ وطئا حراما، فلم يجب في قذفه حد؛ [و] لأن عادة من لا يدين بإجهار المعاصي أن يستر بإخفائها؛ فظهورها منه لا يكون إلا بعد كثرتها وتكررها. [روي أنه] حمل إلى عمر - رضي الله عنه - رجل زنى،