للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقسم هو كناية: إن أراد به القذف يكون قذفا، وإلا فلا، كقوله: "يا فاسقة"، "يا فاجرة"، "يابن الحلال"، "أما أمي فليست بزانية"، وهذا منطبق على ما أورده الشيخ، ثم قال القاضي: وعندي وجب أن يفرق بين قوله: "يا فاسقة، يا فاجرة" وبين قوله: "يابن الحلال" "وليست أمي بزانية"؛ لأن قوله: "يا فاسقة"، أضاف إليها الفسق وعيرها بهذا اللفظ، بخلاف قوله: "يابن الحلال"؛ لأنه لم يضف [اللفظ] إليها.

وقسم ثالث: هل يجعل كناية في القذف إن أراد به القذف كقوله أما أنا فلم أزن، وأما أمي [فلم تزن]؟ فيه وجهان، والأصح: أنه لا يكون قذفا.

وقسم رابع: لا يكون قذفا بكل حال، كقوله: "بارك الله فيك" وما شابهه.

ثم في قوله للعربي: "يا نبطي"، إن قال: أردت به نبطي اللسان، [ليس بفصيح] كفصاحة العرب، أو: نبطي الدار؛ لأنه يسكن دار النبط، وكذبه المقذوف - فإن حلف القاذف فلا حد عليه، قال: القاضي أبو الطيب والحسين: ويؤدب بكلامه؛ للأذى الموهم لنفي نسبه.

وفي "الحاوي": أنه ينظر في مخرج كلامه، فإن لم يرد به الذم والسب فلا يعزر، وإن أراد به الذم والسب؛ عزر عليه للأذى، وإن نكل حلف المقذوف [عليه]- قال الشافعي - رضي الله عنه -: يحلف: لقد أراد نفيه، ويحد له. وظاهر هذا يدل على أنه أوجب الحد بنفي النسب دون القذف.

واختلف الأصحاب في ذلك:

فمنهم من قال: أراد إذا كان قد أراد قذف أمه بأن يقول: زنت بنبطي وأنت من ماء ذلك النبطي، [أو أراد أن جدته أم أبيه زنت بنبطي، وأنه ابن من خلق من ماء النبطي]، وحينئذ فإن كانت المرمية بالزنى محصنة جلد بطلبها، أو بطلب من يقوم مقامها، وإلا عزر، وهذا ما ذهب إليه أبو علي الطبري وأكثر أصحابنا، كما قاله أبو الطيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>