ومن أصحابنا من قال: بظاهر كلام الشافعي، وقال: نفي السبب يوجب الحد، قال القاضي أبو الطيب: وهو الصحيح عندي؛ لأن كلامه هنا لا يحتمل غيره. وحكى الطحاوي هذا عن الشافعي، رضي الله عنه.
ووجهه: ما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا أوتى برجل يقول: كنانة ليست من قريش، إلا جلدته".
وحكى المراوزة وابن الصباغ هذا النص فيما إذا كان نفي النسب من أجنبي، فقال: لست [ابن فلان، وحكوا – أيضا - فيما إذا قال: الرجل لولده: لست] بابني، أنه لا يكون قذفا، وأن الأصحاب اختلفوا فيهما على طرق:
إحداها: حكاية قولين في المسألتين:
أحدهما: يكون قذفا فيهما.
والثاني: أنه كناية [فيهما]، وهو الأقيس عند الغزالي.
والثانية: القطع بالقول الأول، وهي منسوبة لابن الوكيل.
والثالثة: تقرير النصين، وهي الصحيحة في "الرافعي"، وتنسب إلى ابن أبي هريرة، لأن الوالد يحتاج في تأديب الولد إلى [مثل هذا] الكلام؛ زجرا له عما لا يليق بنسبه، فيحمل ذلك منه على التأديب، والأجنبي بخلافه.
والرابعة - عن أبي اسحاق -: أنه لا فرق بين المسألتين، وإنما أراد بقوله: حد لها، إذا اعترف أنه أراد [به] القذف، وكذلك في حق الزوج، كذا نقله ابن الصباغ عن حكاية القاضي أبي الطيب عنه، وحكى الشيخ أبو حامد عنه: أنه إنما أراد الشافعي - رضي الله عنه - في الزوج إذا [قال]: ليس بابني، لا يكون قذفا إذا كان [ذلك] قبل استقرار نسبه عقيب وضعه، فأما إذا قال: ذلك [بعد استقرار] نسبه منه؛ كان قذفا، وإنما قال في الأجنبي: إنه يكون قذفا؛ لأنه قال