للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك بعد استقرار نسب المولود، والله أعلم.

قال: وإن اختلفا في النية فالقول قول القاذف؛ لأنه أعرف بكلامه.

قال الجيلي: فلو اعترف بأنه نوى، فهل نقول: وجب الحد من حين التلفظ أو من حين البيان؟ فيه وجهان، تظهر فائدة الثاني فيما إذا وطئ المقذوف بعده، وهذا إذا تأملته لم يظهر له معنى؛ لأن الحد إن وجب من حين اللفظ أو من حين البيان يسقط، وبطرآن الزنى بعده، كما لا يجب إذا كان الزنى قبله. نعم، إن أراد أنا هل نقول: وجب وسقط، أو ما وجب أصلا - لم يبعد.

فرع: هل يجب على القاذف إذا كان قد نوى القذف ولم يحلف، الإظهار؛ ليستوفي منه الحد؟ الحكاية عن الأصحاب: الوجوب؛ كما لو قتل إنسانا في خفية يجب عليه اظهاره، ليستوفي منه القصاص أو يعفى عنه.

قال الرافعي: وهذا قول [من] يوجب الحد عليه فيما بينه وبين الله تعالى.

وفيه احتمال آخر: أنه لا يجب الإظهار؛ لأن إظهار النية إتمام الأذى؛ فيبعد إيجابه.

وعلى هذا فلا يحكم بوجوب الحد ما لم يوجد الإيذاء التام، ونظم الغزالي يميل إلى ترجيح هذا، ويؤيده قول البغوي في باب حد الزنى: إن من قذف أو قتل يستحب له الإقرار؛ ليستوفي منه القصاص وحد القذف؛ لما في حقوق الآدميين من التشديد، وإذا لم يجب الإقرار بالقذف الصريح فعند بينة أولى.

لكن المنقول في "الحاوي" في كتاب السرقة وجوب الإقرار بهما، وهو ما أبداه الرافعي في باب حد الزنى احتمالا آخر: إذا قذف شخصا بحضرة الإمام والمقذوف غائب [معلوم،] فهل يجب على الإمام إعلامه بذلك؟ حكى الماوردي فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: نعم؛ لأنه حق ثبت له؛ فوجب إعلامه به، كما يلزمه إعلامه بما يثبت عنده من أمواله؛ لجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الأموال والأعراض.

قال الرافعي: وهذا ما ذكره أكثرهم، وهو الذي اقتضى إيراد ابن الصباغ

<<  <  ج: ص:  >  >>