للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقاضي الحسين ترجيحه، وعليه حمل الشافعي - رضي الله عنه -[كما قال الإمام]: بعث النبي صلى الله عليه وسلم في قصة العسيف، لا لتعترف بالزنى.

والثاني: لا؛ لأنها حدود تدرأ بالشبهات، فعلى هذا يكون البعث مستحبا، [كما] حكاه ابن الصباغ عن الشيخ أبي حامد.

والثالث - وهو قول ابن سريج -: أنه إن تعدى قذف الغائب إلى قذف حاضر مطالب، كرجل قذف امرأته برجل سماه، فلاعن الزوج عنها - لم يلزم الإمام إعلامه؛ لأن لعان الزوج يسقط حد القذف في حق كل واحد منهما، وكذلك لم يعلم النبي صلى الله عليه وسلم شريك ابن السحماء حين قذفه هلال بن أمية بامرأته، وهكذا لو كان القذف من أجنبي لرجل وامرأة بزنى واحد، فحضر أحدهما مطالبا بالحد - لم يلزم الإمام إعلام الآخر؛ لأن الحاضر إذا استوفى فهو في حقه وحق الغائب؛ لأن في زوال المعرة عن أحدهما بالحد في قذفهما زوالا للمعرة عنهما؛ لأن الزنى واحد، و [إن] لم يتصل قذف الغائب بحاضر مطالب، وجب على الإمام إعلام الغائب؛ ليستوفي بالمطالبة حقه إن شاء، كما أنفذ صلى الله عليه وسلم أنيسا إلى المرأة.

وعن أبي الفرج الزاز: أن النص في مسألتنا وجوب الإعلام، وفيما إذا أقر عنده مقر لآخر بدين: أنه لا يجب عليه إخبار المقر له، وأن للأصحاب ثلاثة طرق:

أحدها: تنزيل النصين على حالين: إن كان الذي يتعلق به الحاضر حاضرا عالما بالحال فلا حاجة إلى إخباره في النوعين، وإن كان غائبا أو غافلا عما جرى، وجب إخباره؛ كي لا يضيع حقه.

والثاني: الفرق بين الحد والمال؛ فإن الحد يستوفيه الإمام ويتعلق به، فيخبره ليستوفي إن أراد، والمال لا يختص استيفاؤه بالإمام.

والثالث: جعلهما على قولين بالنقل والتخريج، ويحكى هذا [الطريق] عن رواية صاحب "التقريب".

وعن القفال عن بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما بعث أنيسا؛ لأنه كان قد شهد على

<<  <  ج: ص:  >  >>